أدى اتساع الفجوة بين «المحرض» ومن سار على خطاه من جانب والناخبين المباشرين لكل منهم، من جانب آخر، الى تشنجهم في تصرفاتهم، فقد أعلنت الدواوين والكيانات الاجتماعية موقفها بشكل علني غير مسبوق، ووضعت حدا لمقولة الأغلبية الصامتة التي قررت أن تكشف الدوافع المحركة في كل حالة على حدة، فهناك من يكتب محرضا في جريدة ضمن مشروع ترشيح للمقعد النيابي وقد صدمه أن ترفض المجموعة التي يعتمد عليها الانسياق وراء الأهواء، ثم هناك من خسر مقاولتين وحرض زملاءه النواب للتحقيق في واحدة منهما بغير أن يلاحظ تضارب المصالح بين موقعه هنا وهناك، وأخرى ثالثة رتبت تمرير قانون محل خلاف ولكن ظروف الهيجان منحتها فرصة لتمريره بالإجماع، ما دفع منتقديه من السيدات قبل الرجال للكتابة والتنبيه الى مخاطر لم يتم تداركها بسبب القفز فوق مراحل النقاش المعتادة.
ان حملة التحريض على رئيس الوزراء متكررة، وقد رأيناها قبل الوقت الحالي في عهد الشيخ سعد يرحمه الله، وستستمر لسنوات أخرى، فالمنهج التحريضي لن يوفر أحدا، ولو تم اتباع «منهج التصويب والتقويم الصادق» لأمكن تدارك الخطأ، ولكن، تعال، من قال إن الهدف هو الإصلاح؟!
هنا، تدعو الحاجة لوقفة مع كلمة «فاجر» والتي شرحها قول عمر رضي الله عنه «ابتليت بالمؤمن الضعيف، والقوي الفاجر» أي أنه للتعيين في المناصب يواجه بفئة جيدة الأداء ولكن فيها فجور، وهو ليس فجور المعاصي ولكنه اللسان الطائش، كنت أقول هذا الكلام لصديق كويتي، فقال عن زوجته السورية «الآن نبهتني، فقد كانت ابنتي الصغيرة تصرخ بكثرة فقالت لها زوجتي «خلاص اسكتي يا فاجرة»، فقلت لها «كيف تقولين لابنتك يا فاجرة؟!» فقالت «ألا ترى كثرة صراخها؟!» وهو الفهم الدارج في سورية لهذه الكلمة، وهو فهم عربي سليم.
هذه الصفة موجودة في البعض ممن يمارس الفجور في الخصومة بيننا، وقد ابتلينا به، نسأل الله جلت قدرته أن يرفع عنا هذا البلاء.
كلمة أخيرة:
كنت ممن لبى دعوة السيد فهد المعجل للقاء الثلاثاء الماضي، والذي جمع نواب الدائرة الثانية مع أصحاب ديوانيات ومواطنين من دائرتهم وطلبوا منهم أن يستمعوا إليهم، وكان النائب خالد السلطان آخر الداخلين وذلك بعد بدء عريف الجلسة بالتقديم والشرح، وما إن سمع بفكرة إصدار بيان عام - تمت قراءته قبل دخوله - حتى احتج على الفكرة ولم يسمح حتى بإدخال التعديلات حسبما ذكر العريف قبل دخوله، وحث ثلاثة من نواب الدائرة العشرة على الخروج من الديوانية موجها الكلام للحاضرين «إحنا مو غنم»، واستمرت المداولات في موضوع اللقاء، وأدلى الحاضرون بآرائهم بهدوء في كل اتجاه ولكن بحكمة فائقة، كانت النتيجة هي إجماعهم على إصدار البيان ونشره في الصحف، مع تكوين مواقف محددة للمستقبل بعد الذي حدث!
مع الأسف، هذه الأجواء غير الصحية أضرت بالكثيرين وخدشت الممارسة السياسية في البلاد بشكل لن يزول أثره لفترة طويلة من الزمن.
[email protected]