فيصل الزامل
تحت عنوان «أخي في العراق.. نعم أخطأنا» كتب الاستاذ جاسم بودي افتتاحية الزميلة «الراي» اعتذارا للاسلوب الذي تناول به الاعلاميون الشأن العراقي في السنوات الأخيرة، والتي حدثت فيها انجازات كبيرة في معركة البناء لم يلتفت اليها الاعلام ولو للحظة واحدة، ولم يمنعه حتى ملل الجماهير تكرار خبر المذابح من التدبيج لها، ونشر صور التفجيريين مع هالة اعلامية تصاحب صورهم المتلفزة أو في الصحف.
يقول الزميل جاسم بودي: «لم نسأل طفلا عراقيا في 33 ألف مدرسة تمت اعادة تأهيــــلها، و4000 مدرسة اخرى تم بناؤها، بين يونيو 2003 وسبتــــمبر 2006، لم نسأل أحدا من تلامذتــــها عن رأيه وهو يدرس منــــاهج نظــــيفة من التأطير الأيديولوجــــي، ولم نلتفت الى استحــــداث 23 كلية جامعية جديدة، ولا الى ارتفــاع عدد الجامعات من 12 الى 25 جامعة تنتشر بين شــــمال وجنوب ووسط العراق، تركــــنا ذلك كله كاعلاميــــين وهرولنا خلف اخبار التفجـــــيريين، ما حقق زيــــادة في انتــشار تأثيـــــرهم بسبـــب تلك التغـــطية الاعلامية.
لقد توقفنا يوميا عند عملية انتحارية في سوق مزدحم، ولم نتوقف عند جهود تشكيل قوات الأمن من جيش وشرطة والتدريبات المكثفة التي تلقوها للمحافظة على أرواح الأبرياء، لم نلتفت الى أن العراقيين الذين كانوا يعيشون تحت خط الفقر في العــــهد الســـابق كـــان عددهـــم 5 ملايين انخفض العدد الآن الى 2.7 مليون وان معدل الدخل الشهري قد ارتفع من 100 الى 250 دولارا للفرد شهريا.
نعم، لقد خطفنا الارهاب وتحولنا الى رهائن عنده، وخطفتنا شعارات الادارة الأميركية التي ربطت الحدث العراقي بالحرب العالمية على الارهاب، وتحولنا أيضا الى رهائن عندها، نتحدث عن الارهاب ونلاحقه لأنه أعلى صوتا وتغافلنا عن عشرات الأمور لأنها غير مغرية اعلاميا». انتهى بايجاز.
هذه الوقفة مع الذات من الاعلاميين مطلوبة لكل دولة في المنطقة، وليس العراق فقط، حيث لا تستهوي أكثر الاعلاميين قرقعة المصانع قدر ما تستهويهم أصوات المدافع والانفجارات، والنتيجة هي زيادة نطاق تأثير تلك التفجيرات، حتـــــى ولو كانــــت فــــي دائــرة 5 كيلومترات، وأما انتشار مؤسسات التعليم على امتداد خارطة الدولة وافتتاح قنوات الري في طول البلاد وعرضها وتشييد شبكات الطرق والاتصالات ..الخ، فكل ذلك لا يلفت انتباهنا كاعلاميين، مع كل أسف.
تحية لهذه الوقفة الشجاعة التي تحتاجها أمة منهكة، متعبة، يائسة، تحتاج الى من يقف معها في معركة الحياة، فلنترك التدبيج لصناعة الموت، فان اهمالها هو سلاح فتاك، كفيل بتقويض دولة القتل ومحاصرتها في شرنقة الفناء.