فيصل الزامل
تحت عنوان «رمضانك يا وطن جعلني في حيرة» رصد الأخ العزيز د.جاسم مهلهل الياسين ما يجري في الكويت، فقال «أليس اليوم هو استنساخ للسنوات الثلاث التي سبقت الغزو - كل دولة فيها الطيب والخبيث والاعتبار لغلبة الطيب - سيلعن أبناء الكويت كل من كان سببا في تضييع الديموقراطية التي اتفق عليها المؤسسون، هل الحرية تعني اسقاط الهيبة عن رموز الدولة، وتمهيدا لماذا؟ - هل يتحقق النماء في بيئة الاضطراب والتشنج؟».
بداية أشكرك أبا معاذ لهذا الرصد المتأني، في هذه الاجواء المتفلتة، التي تحتاج الى كل جهد مخلص، فقد تسبب اسلوب «التخوين» في ركون كثيرين الى الصمت، لذا أصبت في وصفك (زعامات وهمية توزع صكوك الغفران، فهذا وطني وذاك خائن) وغدا بالعكس (فيتكسب المتكسبون كي يقع شعبنا في قبضة الانتهازية السياسية، ويتحمل الويلات والحسرات، ويكون من احاديث الذكريات للاجيال القادمة) (كان عندنا وطن فيه أمن واستقرار، كنا ونحن صغار نتنقل منه واليه بالاسفار، ونصلي فيه مع أهلنا بأمان)!
ان التساؤلات التي أطلقها د.جاسم المهلهل تستحق وقفة، وبحثا عن اجابة:
1 - هل هناك اطراف في الحكومة والمجلس تسعى حثيثا لإثبات عجز المسيرة الديموقراطية وصولا الى نبذ الديموقراطية، التي أصبحت الممارسات الدارجة فيها تمثل أداة تعطيل، وليست هي وسيلة للبناء والنماء، أحد النواب تحدث في عبثية مطلقة عبر احدى المجلات انه سيستجوب ثلاثة وزراء جملة واحدة ومعهم رئيس الوزراء، فهل هذه هي صورة الديموقراطية التي تريد تلك الاطراف ان ترسمها لنا؟!
2 - هل هناك دفع اقليمي، بترتيب محلي لتعطيل مسيرة الديموقراطية في الكويت من أجل تساوي الفهم (...) للديموقراطية في دول الاقليم من حيث الآلية والمضمون، بمعنى ان هناك ترتيبا لحل غير دستوري يُدخل البلد في ارباك وركود مطلق تكثر فيه الطحالب؟!
3 - هل هناك مشروع لا نعرفه لتحويل نظام الحكم في الكويت الى ملكية دستورية؟!
4 - هل هناك غزو جديد للكويت بسيناريو جديد، فنحن نعيش أجواء لا تزال محفورة في الذاكرة، مهدت لتلك الكارثة؟!
انتهى باختصار.
اهتمامي بهذه التساؤلات أنها تتردد على كافة الالسن، فقد كنت أراجع معاملة الاسبوع الماضي وأردت الخروج فاستمهلني الموظف متسائلا بقلق ظاهر «وين شايف أوضاعنا ماشية؟» وبعد ساعة فقط انتقلت الى مكاتب أخرى فسألني موظف عربي تجاوزت سنوات عمره الستين قضى نصفها في الكويت، قال بشيء من الحرقة «ايه اللي بيحصل؟ بلدكم برضه بلدنا وغالي علينا، انتوا بتفرطوا فيه بسهولة ليه؟» مثل هذه التساؤلات نسمعها في الدواوين وبكثرة، واذا كان البعض اختار الهروب سواء بعدم قراءة الصحف أو بالسفر، فإن أصحاب الرأي الثاقب لا يمكن لهم أن يفعلوا ذلك، ولا أن يكتفوا بالتفرج، وحتى ان لم يملكوا اجابات جاهزة فإن التشخيص المجرد عن الهوى المتصف بالحكمة والرويّة، هو الأقدر على التوصّل الى اجابات قريبة جدا من الصواب.
نعم، حضور أهل الرأي من كافة أطياف المجتمع مهم جدا، الذين يقولون ما يعتقدون وهم لا يخافون في الحق لومة لائم، فهؤلاء لا يرددون قولا ربما لا يرون صوابه، ولكن لمجرد أن «يقال إن فلانا قال كذا» فهذه نية مختلة لا تعود على البلد ولا حتى على صاحبها بخير.
كلمة أخيرة للاخوة النواب، ان استرجاع الكرسي النيابي ليس أثمن من بلدك وبلد أبنائك وأهلك، ونحن نعلم أن دوحة الحكم ليست خالية من المسؤولية عما يجري، فليتحمل كل منا نصيبه بجرأة، وان لم نفعل فلن تكون هناك كراسي، بل مراثي، ولا عزاء لأحد.