فيصل الزامل
نشرت الصحافة أسماء عدد ممن تركوا الدراسة الجامعية، وحققوا نجاحات كبيرة، في مقدمتهم بيل غيتس الذي كان يدرس في هارفارد، حيث راسل شركة كمبيوتر في ولاية نيومكسيكو مقترحا عليها إدخال تطوير يساعدها في تحقيق تقدم في تطوير الكمبيوتر ليصبح جهازا قابلا للاستخدام من الأفراد وليس الشركات والمؤسسات الحكومية فقط، كان ذلك في عام 1975، اتصل غيتس بالشركة وحاول تضخيم صوته حتى لا يكتشفوا انه صغير في السن وانه طالب فيقللوا من قيمة اقتراحه، قالوا له: «اقتراحك وصل، نحتاج إلى المزيد من التفاصيل»، كانت تلك الكلمات كافية كي يقضي أياما وليالي في إعداد التفاصيل، وعندما قبلوها قال لنفسه: «لا بقاء لي في هذه الجامعة بعد اليوم، مكاني ليس هنا».
بعد مرور 32 سنة رجع بيل غيتس الى هارفارد لتسلم شهادة الدكتوراه الفخرية وكشف للخريجين الجدد عن تجربته مع التعليم الجامعي، وتابع: «لحسن الحظ انني أتكلم إليكم وقد تخرجتم، ولو لم تكونوا كذلك لترك بعضكم الجامعة بسبب كلامي اليوم معكم!».
إن قائمة الناجحين ممن تركوا الدراسة الجامعية طويلة، صحيح ان هناك قائمة أطول لم تنجح، إلا ان هناك الجمعية الأميركية للخريجين الذين لم يتخرجوا ومقرها في ولاية ميريلاند تقول: «ليس هدفنا ان يترك الطلبة الجامعة، ولكننا نستهدف الأذكياء الذين تركوها، ليس لأنهم أغبياء ولكن لأسباب اخرى يجب ان يتجاوزوها بسرعة، فهم أذكياء وقادرون على النجاح بدرجة اكبر خارج الجامعة، فليس عيبا ان يحقق الشخص نجاحاته التي يطمح إليها من دون ان يكمل الدراسة الجامعية، او حتى من دون ان يكمل الثانوية».
يقول بيل غيتس: «ربما لو لم أترك الجامعة لعرفت اشياء اكثر حول ان الحضارة ليست في تطوير المنتجات فقط، ولكنها ايضا في رفع الظلم عن الإنسانية واهمية نشر العناية بالصحة ومكافحة الفقر ونشر التعليم وتوفير فرص العمل لمن لا يملكها، وهي امور سأستقيل من عملي في الشركة لتحقيقها عبر المؤسسة الخيرية كمتفرغ» انتهى.
ما ذكرته الجمعية الاميركية حول فئة ذكية في المجتمع يمكنها تحقيق أحسن النتائج بعيدا عن التعليم الجامعي هو امر صحيح، والاعتقاد الخاطئ بأن الشهادة الجامعية هي سقف الحياة لأي إنسان، هذا الاعتقاد قد تسبب في خسارة طاقات إبداع هائلة، فمن الثابت ان 90% من خريجي الجامعات غير التطبيقية يعملون خارج مجالهم الدراسي، وربما اكتشفوا أنفسهم في مجالات اخرى خارج أروقة الجامعات، وتميزوا في تلك المجالات بعد شعورهم بالمرارة من تخصص دراسي أفنوا فيه أجمل سنوات العمر، بلا طائل.
د.طارق السويدان، وهو رفيق درب، حقق نجاحاته في مجال التدريب، ثم الإعلام وبدرجات فائقة النجاح، بعيدا عن القطاع النفطي الذي حصل فيه على شهادة الدكتوراه وعمل فيه لفترة.
انها مسألة جديرة بالتقصي والمتابعة، لتقليل الهدر، وأهم من ذلك تغيير النظر الى مبدعين اذكياء، تم تصنيفهم «ظلما» بالفاشلين، أعرف اشخاصا من هذه الفئة حققوا نجاحات كبيرة جدا، بغير الحصول حتى على شهادة الثانوية العامة، مرة اخرى: ليست هذه دعوة لترك الدراسة، ولكن الذين حاولوا واجتهدوا ثم اكتشفوا انفسهم في مجالات اخرى، عليهم ان يتملكوا الثقة الكافية لتحقيق ذواتهم.. انهم على موعد من النجاح والتفوق بإذن الله.