المناطق التي تنتج النفط في إيران (الأهواز) والعراق (الجنوب) وبريطانيا (اسكتلندا)، هذه المناطق هي الأقل نموا في جميع تلك الدول حيث تنتقل خيرات النفط الى طهران وبغداد وانجلترا، واذا قارنت ذلك بما حدث في السعودية حيث أقيمت المدن الحديثة في كافة مناطق البلاد شمالا وجنوبا وشرقا وغربا بشكل متكافئ، وتم إيصال الخدمات الصحية والتعليمية الى سكان الجبال والقرى المتناثرة في الصحاري، فإن الفرق بين الثلاث دول وهذا المثال لا يخفى عن العين المنصفة.
لقد كنت ذات مرة أعبر مصر بالطائرة من شمالها الى جنوبها بموازاة شريط النيل فلم أشاهد خارج الشريط الا صحراء موحشة، كان د.فاروق الباز قد طرح مشروعا لإعمارها بإنشاء طريق مواز على بعد عشرين ميلا تسحب إليه المياه وتنشأ فيه المدن، ولكن، في المقابل تحولت صحراء الجزيرة - التي لا يشقها نهر ولا نهير - إلى مدن متقاربة ومناطق زراعية تنتج الألبان والثروة الحيوانية.
إن ميزان التنمية - لا الشعارات - هو الأفضل لقياس العدالة، وفي الحالة الخليجية هناك حركة إنمائية نشطة والإصلاح السياسي المطلوب هو لتعزيزها وليس للانقضاض عليها وتكرار نماذج فشلت في توزيع الثروة رغم أنها أغنى من الدول الخليجية بالنفط والمياه والسياحة.. الخ، ما يدفع بتلك التجارب الفاشلة الى جذب الناجحين الى الوراء حتى لا يحرجوهم أمام شعوبهم، باستخدام ظالم للمسألة المذهبية التي لم تظهر لها أي علامة تفرقة في نصيب المواطن من التنمية، قارن ذلك بالعلامات الصارخة للتفرقة في التنمية بين سكان مناطق انتاج النفط في إيران والعراق وبريطانيا
نعم الإصلاح السياسي مطلوب، والبحرين ليست استثناء فقد قامت بإجراء تعديلات أساسية تم قبولها شعبيا من خلال مشاركة جميع القوى في الحياة السياسية لعشر سنوات مضت تقريبا، هذه المشاركة تعني تعاقدا بين طرفين ولا يجوز الانقلاب على ذلك التعاقد، قد يفهم المرء أن هناك نقصا في الإصلاحات التي أجريت ويحتاج الى استدراك بالحوار، ولكن ما يجري هو انقلاب على النفس لا يمكن فهمه إلا بتأثير خارجي، الأمر الذي يجعل المساعدة الخارجية الخليجية مبررة تماما، ناهيك عن أنها تمت تنفيذا لاتفاقية تم تطبيقها في حالة الكويت عام 1990 أيضا ضد تدخل جارة أخرى، وهو إجراء مؤقت نأمل أن تتداركه الحكمة من سائر الأطراف وبقيادة شخصيات من وزن صاحب السمو الأمير الشيخ «صباح الأحمد»، الذي رافق تاريخ البحرين الحديث وربما كان من صانعيه، والله نسأل أن يجعل على يديه كرامة جمع الشمل وإصلاح ذات البين لما ينفع أهل البحرين جميعا، والمنطقة بجميع شعوبها، آمين.
كلمة أخيرة:
الكلام عن اسم الخليج فارسي أم عربي هو من الأشياء التي تليق بشباب حديث السن والتجربة، وهو شيء نسميه في الكويت «المعاياة» وهي لا تليق بكبار طحنتهم التجارب، اتركونا من تلك اللغة.
لقد لعبنا جميعا في طفولتنا.
ودرسنا جميعا في مدارسنا.
والتقينا جميعا في دواويننا.
وجلسنا جميعا في ندواتنا.
وعملنا جميعا في أنشطتنا الاقتصادية والسياسية.
لا يستطيع أحد أن يفرقنا، سواء كان من بيننا من أهل الهوى الذي يستخدم الحالات الشاذة ليصبغها على عموم الناس، أو كان من الخارج، وهذا لا لوم عليه إذا سمحنا نحن له بالدخول فيما بيننا.
[email protected]