فيصل الزامل
العلاقات الكويتية - السعودية تتجاوز الأطر الديبلوماسية بحكم الثوابت «الجيوسكانية» والمواقف شبه المتطابقة في السياسة الخارجية عربيا ودوليا، الأمر الذي يضفي على زيارة سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز والوفد المرافق له، للكويت أهمية كبرى، خاصة في ظل الظروف الإقليمية الشديدة الحرج، التي ربما كانت لها تداعيات مؤثرة على كل دول المنطقة بلا استثناء.
لقد مارست الدولتان دورا مشرفا في الملف الفلسطيني منذ عقود طويلة تجاوز الدعم المادي الى اتخاذ أشد المواقف وضوحا في مواجهة السياسة الخارجية الأميركية المنحازة كليا لمصلحة اسرائيل، كما أثبتت سياسة البلدين اخلاصهما للشعب اللبناني في محنته لأكثر من ثلاثين عاما، شهدت ذروتها في حرب صيف 2006، ولا يزال ذلك الحضور المؤثر والداعم مستمرا للبنان الشعب والدولة بغير تأثير على علاقات البلدين مع دول المنطقة مثل سورية وايران، فالحسابات المبدئية تقدم باستمرار على الحسابات السياسية، وهو أمر أثبتته المواقف العلنية، واخيرا تعرضت حياة سفير المملكة العربية السعودية في لبنان للخطر بسبب تلك المواقف الداعمة للاستقرار في لبنان، وأشهرها «مؤتمر الطائف».
لقد نجحت الشراكة السياسية الخليجية في تقديم بصيص أمل للأمة العربية التي تعاني من الانقسام داخل القطر الواحد، فضلا عن الخلافات العربية - العربية الكثيرة، فقد نجحت دول الخليج في تطويق مشاكل حدودية بين البحرين وقطر، واليمن والسعودية، بل حتى بين السعودية والأردن حيث أدت «السياسة المرنة» الى فتح منفذ بحري للأردن على البحر الأحمر وقيام أنشطة كبيرة في مدينة العقبة، هذه السياسة الهادئة في معالجة القضايا الحدودية بحاجة الى تعميم في الساحة العربية من الصحراء «المغربية» الى حلايب «السودانية».
على المستوى الاقتصادي اعتبرت دول الخليج بقيادة المملكة العربية السعودية أن ارتفاع أسعار النفط هو مكسب للأمة العربية، فضاعفت مساهماتها في الصناديق العربية المشتركة، وربما كان صندوق مكافحة الفقر هو أحدث تلك المبادرات والذي تأسس بدعوة من خادم الحرمين الشريفين وأسهمت فيه المملكة بمليار دولار، وتجاوبت الكويت مع تلك الدعوة بسخاء وأريحية بمبلغ ثلاثمائة مليون دولار، للحد من مشكلة الفقر، والتأكيد على إحساس هذه الدول بمعاناة بقية الشعوب العربية والإسلامية.
إنني من المتابعين للخطاب الإعلامي السعودي الذي أراه على الدوام يقدم الأولويات العربية والخليجية حتى على المصالح السعودية ولم أقرأ لهجة «الأنا» أو التعالي والمنّ، ليس في الوارد الديني تجاه زوار الأراضي المقدسة فقط، بل في كل المؤسسات المشتركة الاقتصادية الإقليمية والدولية.
لقد مرت السعودية باختبار الخمسينيات والستينيات في فترة «الحرب الباردة» بين الشرق والغرب، والتي كانت لها انعكاساتها على المنطقة شمالها وجنوبها الى اليمن يوم أن كان كتاب «ماوتسي تونغ» مقدسا في عدن، انتهت تلك الحقبة بما انتهت اليه، ولولا صمود السعودية ودول الخليج لفقدت الأمة العربية عمقا اقتصاديا استراتيجيا، ولتبددت ثروات الخليج كما حدث في دول عربية اخرى نفطية ربما كانت أوفر بالموارد المتنوعة من دول الخليج.
ازاء هذه الحقيقة لا يملك المواطن العربي المنصف إلا أن يقول جزاكم الله خيرا، أما الأخطاء فان علاجها واجب، ولكن ليس بالأسلوب العربي الذي جعل تلك الأخطاء حسنات بسبب اسلوب فاشل في الشكل والمضمون، والله نسأل الهدى والسداد لتلك القيادة في سائر خطواتها.