فيصل الزامل
الارتفاع الصاروخي لأسعار الأراضي السكنية والبيوت في الأشهر الخمسة الماضية تجاوز كل الحدود، ولم يعد بإمكان المواطن الشراء بالطرق السابقة (دفعة مقدم وتقسيط..الخ)، بسبب معدلات الأسعار الباهظة التي لا يملك لها مقدما ولا يُجدي معها التقسيط، وهي مشكلة عويصة أفرزها نقص العرض في الأراضي مقابل ازدياد الطلب، ما فتح الباب على مصراعيه للمضاربين بهذه السلعة الحيوية واعتبارها أداة استثمار استقطبت المحافظ والأفراد فرفعوا الأسعار بعبارتهم التقليدية «نُقَولب» فانقلبت موازين الاقتصاد وارتبكت مسيرة الرعاية السكنية التي كان القطاع الأهلي مساعدا للدولة على معالجتها، فتحوّل الى سبب لتعقيدها.
مشكلة نقص العرض في الأراضي تتطلب الانتهاء من مشكلة جسر الصبية، ففي دول كثيرة يعالج الربط بين منطقتين مسألة نقص العرض، مثلا نيويورك ونيوجرسي، دبي والشارقة، وغيرهما، يربط بينهما جسر أو طريق ما بين 10 و20 كيلومترا، ويمنح خيارات واسعة للناس، ومن يتذكّر منا طريق الفحيحيل قبل فتح «طريق الملك فهد» يعرف الفرق، حيث لم نكن نتصوّر في الستينيات أن شق طريق مواز لطريق الفحيحيل سوف يضخ أراضي جديدة ويتسبب في انشاء مناطق سكنية على جانبيه: جنوب السرة، صباح السالم، القرين، الظهر..الخ، وخدمات جديدة: صبحان الصناعية، المستشفى العسكري..الخ، أوجدها شق طرق رئيسية كهذه، وهو ما يمكن لجسر الصبية أن يفعله فيربط مخزونا ضخما من الأراضي هو أقرب بكثير الى العاصمة من سائر المناطق التي أوصل اليها طريق الملك فهد.
نحن لا نفتقر الى الرؤية ولا الى التخطيط ولا الى المال ولا حتى الى اتخاذ القرار، فالجسر المرتقب قد اجتاز كل هذه المراحل، ولكن كما قال الشيخ محمد بن راشد «كل هذه الأمور عندنا وعند غيرنا، وانما نتميز على الجميع بسرعة التنفيذ».
ان تنفيذ الجسر أمر محتوم طال الزمان أو قصر، إلا أن تأخُّر التنفيذ يعنى ارتفاع التكلفة، ليس في بناء الجسر فحسب بل في هذه الأسعار المدمرة للاقتصاد وللأسرة وحتى للشركات التي تركت التطوير العمراني النافع والأطول أجلا في المنفعة واتجهت نحو المضاربات الضارة، وتحوّل موظفوها من تطوير خبراتهم الفنية الى اقتناء «مسباح» وطرقعته في سوق العقار مع كلام لا يتناسب مع حجم الشركة وقدراتها.