قال: «كنا على طاولة طعام ضمت وزراء من مصر وسورية ودول أخرى في احدى المناسبات العربية، قال أحد الجلوس للوزير السوري: سعادة الوزير، الاشتراكية جاءت اليكم من مصر، وهي تركتها بينما أنتم لاتزالون متمسكين بها، متى تأخذون بالاقتصاد الحر بدلا من الاقتصاد المركزي؟» ابتسم الوزير السوري، محمد العمادي المعروف بأدبه الجم قائلا «كل شيء بياخذ وقته، الامور بدها وقت».
الحقيقة الكبيرة هي أن مصر كانت بوابة العالم العربي إلى اوروبا في بدايات القرن الماضي وأنها تأثرت بالتشريعات الفرنسية الضعيفة إداريا مقارنة بالالمانية، هذا الضعف انتقل الينا، وربما تخلصت مصر من هذا الضعف القانوني في المستقبل القريب بينما سنستمر نحن بالكويت في المعاناة لفترة من الزمن، رغم فشل تلك القوانين وسيطرة الروتين على جميع مظاهر الحياة في البلدين مقارنة ببقية دول الخليج التي نجت من تلك التشريعات المعقدة. نعم، قد تتخلص مصر من هذه الشرنقة التشريعية وربما أخذت بالنموذج الالماني – نأمل – في التشريعات الواقعية في دنيا الادارة الفعالة لترتيب شؤون العمل اليومي بكفاءة لا تجدها في القوانين الفرنسية. أقول ان تخلص مصر من تلك الحالة لن يتبعه بسهولة شيء مماثل في الكويت، لأن «كل شيء بياخذ وقته، الامور بدها وقت» كما حدث في سورية!
لقد تعامل المجلس العسكري في مصر مع ظاهرة الخوف من اتخاذ القرار والرعب الذي شاع في الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية بعد ثورة 25 يناير، الكل يخشى أن تطاله موجة التصنيف والتخوين فتوقفت الدولة عن الحركة، الامر الذي اضطر معه المجلس لإصدار بيان عسكري يطلب فيه من كل مسؤول أن يقوم بعمله دون تردد، مؤكدا أن المحاسبة لن تكون بطريقة فوضوية، على العكس ستتم محاسبة المقصرين عن ممارسة أعمالهم وتسيير أمور الدولة بالشكل الطبيعي. هذا الموقف تحتاج اليه الكويت بعد أن أشاعت فورة الاستجوابات المتلاحقة أجواء رعب في الوزارات حتى أصبح المسموح به في السابق ممنوعا اليوم، والمسؤول ميال الى الخوف والتردد والأخذ بأقصى الآراء المتشددة في أي تصرف بعد أن رأى كيف يتم التعامل مع غيره بأسلوب تصفية الحسابات الذي شمل وزير صحة قام بعمله تجاه المخالفات، ثم رأينا كيف كان رد بعض النواب والنائبات تجاه اعادة تعيينه!
كلمة أخيرة: كتابات صبيانية يمارسها أحداث السن على مسجد وناد رياضي، وغطاء رأس «شماغ»، هل مجتمعنا ضعيف ومقسم الى الحد الذي تستدرج فيه تلك الامور نوابا ووزراء وتستنفرهم الى حد التوتر؟! أين أصحاب الرأي والخبرة؟!
قرأت في تاريخ قريش أن اثنين من عائلات مكة سافرا الى الحبشة وهما من الطيش ما جعل العائلتين تلتقيان في الحرم المكي وتعلنان الخبر، ثم «.. ولا يؤمن أن يكون بينهما شر، فان حدث شيء فإن بني فلان وبني فلان بريئون مما يقع بينهما» وبالفعل وقع المحذور بين الشابين، ونجت العائلتان من الانجرار وراءهما الى قتال عبثي، والسبب تلك المبادرة التي حدثت في العصر الجاهلي!
[email protected]