قال: كنت في رحلة علاج في مدينة فرنسية جميلة، رغم أنها كبيرة إلا أنها غاية في النظافة، وهي مليئة بالحركة والنشاط والعمل أثناء النهار، وهناك كثيرون يمارسون الرياضة وآخرون يتنزهون، ثم في الساعة السادسة مساء تتوقف الحركة تماما، لا محلات ولا سينما ولا شيء يستحق الخروج من الفندق، سألت، قالوا الكل ينام مبكرا ليصحو نشطا ويكون أكثر تركيزا وإنتاجا، قارنت ذلك بحالنا من جهة قلة التركيز في النهار، فالموظف الذي ينام بعد منتصف الليل يعجز عن توجيه المراجع بشكل سليم ويكتفي بممارسة السلطوية لصرفه من أمامه من خلال اختلاق أسباب يجد لها منفذا في الأوراق بدلا من النظر في كيفية خدمة المواطن، والسبب فقدان الموظف للتركيز الذهني.
شيء آخر، المسلسلات الكويتية شهيرة بالمعارك الكلامية بين أفراد البيت، تلقن الناس مفردات الصراع وتغرس فيهم الميل الى التصادم وحالة «التأزم المزمن»، عبارات كثيرة غرسوها بيننا «ما تدل المخفر، أدليك.. الخ» هل يمكن استبعاد تأثير هذه المسلسلات على تصرفاتنا اليومية في جميع المؤسسات صغيرة كانت أو كبيرة؟. في أميركا – مثلا - يشتكون من ارتفاع منسوب الجريمة ويعتقدون أن الأفلام السينمائية هي التي تعلم المشاهدين كيفية تنفيذ الجريمة، مثل مشهد ربط المجرم للفتاة في الفراش أو تلقيم قناص بشري لبندقيته وهو جالس فوق سطح بناية ليصطاد ضحاياه، أو فيلم كامل مشوق يلمع عصابة خططت ونفذت بنجاح عملية سرقة كبرى – حقائب بملايين الدولارات أو قطع الذهب - بدقة متناهية واحترافية عالية، هذه المشاهد تعني تدريبا متواصلا لمشاهدين بمئات الملايين، قد تبلغ نسبة «المقلدين» «واحداً بالمائة فقط ممن يعانون من إحباطات أو يعيشون ظروفا مواتية، ولكن هذه النسبة كافية جدا لزعزعة أمن المجتمع، وهذا ما يحدث فعلا في الولايات المتحدة.
شيء مماثل نعيشه في الكويت وبعض دول الخليج، فلولا مشاهد السيارات الأميركية في المسلسلات وهي تقوم بحركات استعراضية لما انتشرت العدوى فيما نراه في ساحات الاستعراض، وكذلك المسلسلات التي تزرع «ثقافة الخناقات» في أدمغة الناس، وتستجيب لها نسبة قد لا تتجاوز الخمسة بالمائة والبقية هي التي نسميها الأغلبية الصامتة، إلا أن هذه الخمسة بالمائة تمارس الخناقات بشكل يومي في مؤسسات تديرها الدولة، وهذا شيء خطير.
دور وسائل الإعلام كبير جدا في صياغة المزاج والذوق العام، حتى موسيقى نشرة الأخبار ذات الإيقاع المثير لها تأثير في شحن المواطن وهو ذاهب الى عمله، قارن ذلك بأخرى هادئة، يوافق عليها مختص في أمور السلوك الإداري، النتيجة ستكون مختلفة بالنسبة لقائدي السيارات والمراجعين والموظفين.
التغيير الذي نحتاجه ليس في نصوص فقط ولكن في أسلوب معيشة، مثلما نسمع هذه الأيام من يعتقد أن انتشار مرض السرطان له علاقة مباشرة بأسلوب المعيشة، فكذلك الاضطراب السياسي والارتباك الإداري وضعف الإنتاجية والتخبط في القرارات.
هذه دعوة موجهة إلى الجهات المختصة للتفكير في حركة تغيير يقودها مختصون إعلاميون يقدمون استشارات لكل جهة ذات صلة بهذا الموضوع.
كلمة أخيرة: الإفراج عن الشاب في قضية عسكري أم الهيمان مع ثبوت حالة السكر على العسكري المجني عليه «وهو في الخدمة» إضافة الى الفعل الفاضح تستدعي طلب تعويض الشاب وأسرته عما أصابهم، فضلا عن براءته من جريمة القتل كونه في حالة دفاع عن النفس.
[email protected]