فيصل الزامل
تحدث النائب د.وليد الطبطبائي، ومن قبله بسنوات قليلة النائب حسين القلاف عن الرغبة في ترك الحياة النيابية، وذلك تعبيرا عن الإحساس بالتعب ومحدودية الناتج من وراء عمل مكثف لا يتوقف ليلا ولا نهارا، لا تقابله نتيجة مرضية حسبما يرى بعض الاخوة النواب، وقد سبق لآخرين التعبير عن نفس الشعور مثل النائبين عبدالعزيز العدساني وأحمد النصار في مجالس سابقة، وربما تطلب الأمر البحث، فالظروف المهيأة للعاملين في هذه الهيئة (مجلس الأمة) يسرت كل أسباب الانتاج والعطاء بلا حدود، سواء في حجم الصلاحيات التي ربما تجاوزت شارع الخليج الفاصل بين مبنى مجلس الأمة ومبنى مجلس الوزراء، كما جعلت نسبة لا بأس بها من الموظفين في مجمع الوزارات شبه مفرغين لتلبية طلبات - وليست مطالبات عامة - بعض النواب المغلفة بأسئلة نيابية للضغط لا للحصول على اجابة.
انها صلاحيات واسعة لمن يريد استخدامها في وجهها الصحيح فلماذا يشعر عدد من النواب بالملل؟ هل لأنهم لا يمارسون ما يمارسه غيرهم حيث يعوض الآخرون التعب والمعاناة بل يستمتعون بهما لأنهما يعنيان أن كل استجواب أو تصعيد يفتح فرصة جديدة لتحقيق المزيد من الأهداف الشخصية ما يبردهما عليهم، فلنفترض أن الأغلبية من الاخوة النواب هم ممن لم يستفد من تلك المواجهات والمعارك شبه اليومية، وأنه يعمل لتحقيق رسالة ويسعى الى خدمة وطن، مثل هؤلاء نطالبهم بالبقاء في مواقعهم، والعمل كفريق متضامن كي يمارس مجلس الأمة دوره الحقيقي في آلية الدولة، بعد أن تم تصويره على أنه مجرد «نقابة» تخص عددا محدودا من الناس، وليست أحد مكونات الحكم ودعائم الدولة، فهو شريك في «ادارة» شؤون الدولة من موقع تصويب القرارات والتأكد من سلامة التنفيذ، وليس شل القرارات وتوجيهها فيما يحقق الصالح الشخصي الضيق.
ان صمود النواب الأفاضل هو مكسب للكويت في حاضرها ومستقبلها، ولسنا نتحدث عن صمود في قتال ولا معارك، بل في موقع وظيفي جميل، يجب أن يكون العمل فيه ممتعا، تسوده الألفة والتعاون، بغير التفات الى نفسية متوترة تصر على توتير كل من يحتك بها، وشعارنا الذي نوجهه لهذا المتوتر «عمل تعمل الدنيا معك، توتر، تتوتر وحدك».
نعم، ان الذين طالبوا النواب المرهقين بالاستمرار والصمود، سواء الموجودون منهم حاليا أو في السابق - كنت ممن أشاد بعدد من مواقف النائب حسين القلاف - انما يدفعهم الرجاء أن يصحح هؤلاء المسيرة بالتعاون مع نواب آخرين يعملون بغير كلل واذا كانوا لم يتحدثوا علنا عن مثل تلك المشاعر والاحساس بالتعب، فإننا نعلم أن هذه الفئة هي فعلا مرهقة وأنها تعاني، ولكن القدر اختار لها التواجد في هذا الموقع، وحملها أمانة الحفاظ على سلامة هذا المرفق فليس لك أن تترك موقعك أيها الجندي، كما هو حال من يقف ساهرا على سلامة بقية مراكز حراسة هذا الوطن.
لقد اعتدت على دعم مسؤلين في الأغلب لا أعرفهم معرفة مباشرة وذلك في مواقع مختلفة، وهو أمر يشمل هذه الفئة من الاخوة النواب، فبهم نرجو ونتمنى لبلادنا الاستقرار، والمتضرر الأكبر من ابتعادهم هو مسيرة التنمية ومستوى أداء الدولة الذي يتأثر كثيرا بجودة العاملين في شريحة الصف القيادي في الدولة وكفاءة أفراده، وليعلم الأخ النائب أنه بمنزلة القاضي الذي يفصل في شأن الناس أفرادا وجماعات، وفي الحديث الشريف: «إن الله مع القاضي ما لم يجر، فإن جار تخلى الله عنه ولزمه الشيطان» أخرجه الترمذي.