قال: «كنت شابا صغيرا أقف إلى جانب صاحبي ننتظر خروج بقية التلاميذ من مدرستنا، قال صاحبي: تعال نسوي هوشة، لم أفهم كيف، إلا أن صاحبي نظر إلى شابين يسيران وأيديهما متشابكة كالأصدقاء، فقال كأنه موجه كلامه لي ولكنه يسمعهما: تصدق إن هذا أقوى من هذا؟ وأشار إلى أحدهما، يتابع صاحبي، فهمت مقصده، وشاركته قائلا: لا، مو صحيح، هذاك قوي، شوف عضلاته.. وفي دقائق نفض الاثنان أيديهما من بعضهما البعض، ودخلا في عراك، ومضيت مع صاحبي نضحك منهما !» انتهى.
نعم، ستنجح الضغوط اليومية على أشخاص محددين في السلطة ليتصادموا في ضوء ممارسة التحريش بينهم بالطريقة التي يمارسها بعض النواب، رغم أن هؤلاء هم من فريق واحد متضامن في الأساس ولكنه الإعلام المكثف الذي تغذيه صحافة ليس أحب إليها من هذه الأجواء. عندما طلب الشيخ أحمد الفهد وجهة نظر اللجنة التشريعية فهو بذلك يلتزم بالقنوات السليمة لمعالجة تباين الآراء في بعض بنود الاستجواب الموجه له، ومثلما يملك النائب حق تنقيح استجوابه، كما حدث في حالة الوفد الطبي، فإن من حق الوزير المستجوب تحصين مادة استجوابه من الشبهات ولا معنى للغضب من هذا الطلب الا القفز فوق الطرق الصحيحة المتاحة وفق نظامنا الدستوري.
نعم، يجب توحيد معايير الصواب والخطأ في الممارسة السياسية بعد أن رأينا الرأي وعكسه في الكتلة الواحدة، والكف عن أسلوب التحريش المذموم الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان أيس أن يعبد في جزيرة العرب، ولكنه رضي بالتحريش فيما بينكم»، نعوذ بالله أن نكون عونا له على رسالته الشريرة.
كلمة أخيرة: نظر جحا من نافذة بيته فرأى شخصا يركض والمطر ينهمر، فقال له: لماذا تركض؟ هذه نعمة كبيرة، لا يجوز أن تتضايق منها، فاستحيا الرجل ومشى ببطء حتى أغرقه المطر، وبعد أيام كان هذا الرجل جالسا في بيته، فرأى جحا يركض والمطر ينهمر عليه، فناداه مذكرا إياه: جحا.. هذه نعمة كبيرة، لماذا تركض؟ فقال جحا: نعم، نعم، هذه نعمة، ولكنني لا أريد أن أدوس عليها.
مع الأسف وضعنا السياسي صار بالفعل نكتة، ومثارا للسخرية.
[email protected]