فيصل الزامل
إذا كان حب آل البيت النبوي مستقرا ومتمكنا في نفوس أهل السنة، كما نقول ونفعل في صلاتنا، وكل ما ذكر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وعلى آله الاطهار وصحبه الميامين، اذا كان هذا هو الواقع فلم لا نتنافس مع الاخوة الشيعة في ابراز تلك المحبة بغير مبالغة لا يقرها الدين الاسلامي في رفع البشر الى مصاف الانبياء، ولكن بما يليق بهذه الدوحة العطرة من هذه الامة وذلك على منهج «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، انما أنا عبدالله ورسوله»، وحينما أراد عمر ( رضي الله عنه ) ترتيب الدرجات لتوزيع العطاء - بمصطلحنا المعاصر، تقدير المرتبات التقاعدية - وأشار عليه الناس بأن يبدأ بنفسه، فقال «بل أبدأ بآل بيت النبي ( صلى الله عليه وسلم )» وجعل العباس وعليا وفاطمة رضوان الله عليهم في أعلى الرتب، ثم ثنى على الاقرب فالاقرب من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، ثم انثال على الصحابة، فبدأ بأهل بدر... وهكذا.
فعلا، تساءلت عن سبب انفراد الاخوة الشيعة بهذه المسألة، هل للمبالغات التي وصفها الكاتب فاخر السلطان في مقالته الاسبوع الماضي في الزميلة «الوطن» دور في هذا الأمر، مبالغات أشار اليها بقوله: «وقد نشر أحد الباحثين في ايران قبل سنوات دراسة بيّن فيها ان واقعة كربلاء مرتبطة بالخلاف والتنافس بين بني أمية وبني هاشم حتى قبل ظهور الدين الاسلامي استمرت أيضا في عهد النبي ( صلى الله عليه وسلم )، ومن بعده في عهد يزيد بن معاوية، وهي وقائع تاريخية لا تحتاج الى تدخل الاسطورة لتعزيزها، أو في الحقيقة - يقول فاخر السلطان - لتأسيس حالة عاطفية تسد الفراغ الروحي والاجتماعي في الواقع المعاش مع تجاهل للحقيقة البشرية المرتبطة بالأحداث الفعلية لها».
ثم يتابع قائلا: «ان وضع سياج من التفسير الخاص لخوارق، يجعل الوصول الى تفاصيل هذا التفسير مناطا بمفسرين محددين يملكون اسراره، وهذا يعني احتكار دوحة آل البيت، وتحويلها الى منبر سلطوي» انتهى.
إن العمل على ابقاء حب آل البيت واجبا دينيا مناطا بكل مسلم يتطلب بذل جهود من نوع ما تقوم به مبرة الآل والأصحاب، وتلك الندوات التي بدأت في التزايد من الجانب السني والتي تبثها الفضائيات، وهو قبل كل شيء واجب ديني يسمو عن توظيف فئوي إذا سمحنا به هنا، مارسه آخرون هناك في اعتبار الوطن بقرة حلوبا «انتو حلبتوها من زمان، دورنا الحين» وغير ذلك من العبارات التي لا يعي من يستعملها تأثيرها في اضعاف قوة الوطن، نعم، إن حب آل البيت هو قاسم مشترك بين المذهبين السني والشيعي، ومن التعكير على هذا الواجب السامي أن تخالطه أغراض جانبية من أي نوع، فضلا عن اساءات يترفع عنها العلماء في الجانبين، وقد ينزلق اليها غيرهم ليس من العامة فقط، ولكن حتى من أصحاب الهوى وكبائر المعاصي ممن يظنون أن في الغلو والمبالغة تكفيرا عما يفعلونه! نحتاج فعلا الى زيادة الوعي والمعرفة بعظمة هذا الدين الآمر بالترابط (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) الناهي عن الفرقة، وهو نهج النبوة الصافي الذي يغرف منه كل مسلم يبحث عن فوز الدنيا والآخرة.
فائدة
اهتمام الاتجاه الاسلامي السياسي بالفتوى الشرعية هذه الايام شيء جيد، على ألا يرتبط بحادثة عابرة، وان يتحول الى منهج علمي لا يتصف بالفردية، على أهمية الافراد من العلماء الافاضل، غير أن الابحاث التي يعدها العلماء ويناقشها جمع من المتخصصين والممارسين جديرة باستخراج روائع الفقه الاسلامي في السياسة الشرعية، أسوة بما تحقق في الميدان الاقتصادي.