فيصل الزامل
واخيرا، توصلت تركيا الى حل وسط بشأن الحجاب في الجامعات، حيث وافق العلمانيون الاتراك على تخفيف حظر الحجاب ليكون في حدود غطاء للرأس ولا مانع ان يصل الى الذقن والرقبة، ولكن لا يغطي الصدر وينزل الى البدن، واما البرقع فهو محظور قطعيا، وحتى هذا القبول من قبل العلمانيين فهو خاص بالطالبات ولا يشمل المدرسات ولا موظفات الجامعة، وكانت اسواق المال التركية في حالة ترقب لوصول السياسيين الى حل وعدم نشوب ازمة سياسية في الدولة التي تسعى للانضمام لعضوية الاتحاد الاوروبي، ما يتطلب التعاون بين العلمانيين وحزب العدالة والتنمية، خاصة عندما طالب احد نواب حزب العدالة برفع الحظر نهائيا على ارتداء الحجاب، ما دفع حزبه الى تطويق ذلك التصريح بسرعة عبر اتخاذ اجراءات داخلية في حقه.
في عام 1974 زرت تركيا، كنا ثلاثة شباب متزوجين حديثا، عندما دخلنا الى احد المصارف لتغيير العملة، كانت الزوجات الثلاث ينتظرننا في الخارج، وعندما رجعنا وجدنا شخصا يحادثهم بالتركية وهن لا يعرفن ما يقول، حاولنا ان نفهم منه فلم نستطع، انهمرت دموعه وهو يشير الى حجابهن ومضى وهو يردد «غوزيل تبريك، غوزيل تبريك» كان ارتداء الحجاب من قبل الشابات، وليس النساء من كبار السن، امرا محرما وفق النظام العلماني، وكانت نفوس الاتراك تحن الى معالم الاسلام التي تم اختصارها في اداء الصلاة في المسجد، حتى الاذان باللغة العربية تم منعه منذ عام 1926 حتى 1951 حينما سمح عدنان مندريس بعودة الاذان باللغة العربية، وفي اليوم المحدد لبدء العمل بهذا القرار، كانت سائر المدن التركية تنتظر اول اذان، وكان وقت صلاة الظهر فذبحوا الذبائح ووزعوا الحلوى في الشوارع ابتهاجا بعودة «حي على الصلاة.. حي على الفلاح».
اليوم يعمل ابناء تركيا الجدد على تقديم نموذج توافقي لا يقوم على المواجهة ولكن على التوفيق بين الآراء وسد الذرائع عبر تقديم البدائل، فالعلمانية المقبولة - في مفهومهم - لا تعني نفي التدين بقدر ما تفيد امكانية التعايش بين سائر الاجتهادات وأتباع الديانات والمذاهب المختلفة، كما ان دخول حزب العدالة والتنمية في الانتخابات لا يتم طرحه من منظور فكري، ولكنها برامج للإصلاح السياسي والاقتصادي والاداري يجد فيها كل مواطن تركي مساحة للنقاش، ويقلل من الفهم الضيق للعمل السياسي القائم في كثير من التجارب على اقصاء الآخر، والآخر هنا هو فكر «ايديولوجي» آخر، وقد نجح الاتراك مجتمعين في تجاوز هذا المنعطف الخطير عبر قبولهم نتائج الانتخابات وعدم الانقلاب عليها، كما يحدث في التجارب العربية وآخرها في فلسطين ولبنان!
فائدة
احتفال الكويت بمرور عامين على تولي صاحب السمو مقاليد الحكم يعكس مكانة سموه في نفوس الناس، واحترامهم لشخص اعطى عمره وكل طاقاته للكويت فلم تشغله امور اخرى عنها، وهاهو يتحمل ضغوط العمل بهمة الشباب ضاربا القدوة للكثيرين في التسامي والتسامح والتواضع لتحقيق هدف واحد هو رفعة الكويت وتحقيق الامن والرفاه لشعبها، حفظك الله اباناصر ذخرا لهذا الوطن ومتعك بالصحة والعافية.