فيصل الزامل
قبل عرض ما وقفت عليه في هذا الموضوع لا بد من الاشارة الى رأي سبق أن طرحته في وارد انخراط المرأة في العمل السياسي في الكويت المسمى «حقوقها السياسية»، وذلك امتداد لوجهة نظري في درجة تسييس المجتمع حيث انتقدت الافراط في الجرعة السياسية في حياتنا اليومية عبر تقليل سن الناخب وتأسيس الأحزاب وفتح باب تراخيص الصحف..إلخ، فالممارسة السياسية اليومية شأن متخصص يقوم به نواب ووزراء، ونحن المواطنين لنا دوران اثنان، انتخاب ممثلينا ومتابعة أدائهم بغير الافراط الذي لايقل سوءا عن التفريط.
من هنا، فليس في الوارد انتقاص دور المرأة ولكنها نظرة شاملة على المبالغة في ممارسة العمل السياسي، وبالنسبة للولاية العامة للمرأة فان بحثها يجب أن يرتبط بتحري مقصود الشرع بلا موقف مسبق ننتقي معه من الآراء ما يوافق ذلك الموقف، فالحق أحق أن يتبع، وقد أظهرت أبحاث علمية رصينة أن مسألة «منع المرأة من الولاية العامة» ليست محل اجماع ينبغي معه ترك بحث هذه المسألة، حتى ان ذهب الى هذا الرأي الجمهور من الأمة، فقد أجاز أبوحنيفة للمرأة العمل في القضاء - تقضي فيما تشهد فيه - وأجاز الشوكاني وابن جرير الطبري وابن قدامة دخولها في الولاية العامة، وقد قال عمر ے «كنا لا نعد النساء شيئا، فلما جاء الإسلام وذكرهن الله رأينا لهن حقا، من غير أن ندخلهن في شيء من أمورنا» وعند القاء نظرة على المنهج التشريعي بنقل الناس تدريجيا عند تحريم الخمر والربا وغيرهما من أوضاع اجتماعية مستحكمة الى أخرى جديدة، فلم يكن ممكنا نقل المجتمع من عدم اعتبار النساء بالمطلق الى توليتهن.
وقد ناقشت الأبحاث ما هو مشهور في هذا الباب، مثل الحديث الشريف «لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة» و«إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، وإذا هلك كسرى فلا كسرى بعده» وانتهت الى أهمية التفريق بين بشارة النبي ژ بما سيؤول اليه الحال في فارس والروم، والنهي والتحريم، ومن أخذ بالقاعدة «العبرة هي بعموم اللفظ لا بخصوص السبب» فعليه أن يأخذ بحادثة ملكة سبأ التي تولت الأمر بالشورى واتسمت بالحكمة فأفلحت هي وقومها، ولا يعني ذلك أن التمكن من أعباء الولاية وشروط الكفاءة متوافر على كل الأحوال لا في كل الرجال ولا في كل النساء، بل يقل توافر تلك الصفات في حال النساء كثيرا عن الرجال لطبيعة الوظيفة الأساسية للمرأة، وما نبحثه هنا هو مسألة جواز «الولاية العامة» من عدمه لمن تتوافر فيها شروط الولاية العامة والمراد بها هنا الوظائف القيادية في الدولة في الادارة والقضاء ونحوهما، وفي الحديث الشريف «يا معشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار» فقالت امرأة منهن جزلة - أي ذات عقل ورأي ووقار: «وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟» سؤالها عن النساء ككل وليست الصحابيات فقال «تكثرن اللعن وتكفرن العشير، وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن» قالت «يارسول الله: وما نقصان العقل والدين؟» قال«أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل، فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي ما تصلي وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين».
إذن أثبت الحديث رجاحة عقل المرأة التي تتغلب على ذي اللب، وأن النقص هو بسبب الظرف فهي بعيدة عن المعاملات ما جعلها تنسى (أن تضل احداهما فتذكر احداهما الأخرى) وليس طعنا في جيناتها، كما نقول اليوم، وكذلك عذرها في الفطر، فهو لم يعب عليها كمخلوقة، بقدر تحذيره من سلوك اللعن ونكران العشير، ومثل ذلك يقال عن القوامة في ادارة البيت، والتي رتبها الإسلام (وبما أنفقوا) وموضوعنا هنا الولاية العامة الذي يتصل بقلة قليلة من النساء، كما هو حال الرجال.
فائدة
يعاني المستشفى الأميري من ازدحام ونقص غرف وفي الطوارئ اختلطت النساء بالرجال بشكل مخجل، مع ان مركز ثنيان الغانم للجهاز الهضمي الملحق مهجور نصفه، زجاج متساقط ومساحات ضائعة، المتبرعون كثيرون، «شوية همة وجرأة»، وتنتهي المشكلة.