فيصل الزامل
في مناظرة مرشحي الرئاسة الأميركية الديموقراطيين هيلاري كلينتون وباراك اوباما أشارت هيلاري الى أن الأولوية هي للخبرة، فأجابها: الأهم أن تتصرف بطريقة صحيحة، مشيرا الى أنه كان يعارض الحرب في العراق وكانت هي تؤيدها ثم تراجعت، وعلقت هي على ذلك بأن الانسحاب من العراق يجب أن يتم من دون تعريض استقرار المنطقة الى الخطر، وانها قادرة على اقناع ايران وسورية بالدخول في مفاوضات لتحقيق هذا الهدف، أجاب اوباما بشكل عام «من السهل القول ولكن» تابعت هي قائلة «يجب علينا بذل جهد ديبلوماسي كامل، ولكن بغير اندفاع واحتياطات مسبقة» علق هو «اذا التقينا الإيرانيين فلنستعمل الجزرة والعصا على السواء، وعليهم أن يغيروا تصرفاتهم».
لن نتناول آراء المرشحين في القضايا الداخلية مثل تمويل برامج الصحة وتنظيم الهجرة وأزمة الرهون، وسنركز حاليا على منطقتنا وكيف ينظر اليها الرئيس المقبل للولايات المتحدة، ففي تجربة الاختيار بين آل غور وبوش مالت أصوات عرب أميركا والمسلمين فيها نحو بوش لأن نائب غور «ليبرمان» كان يهوديا، وهو ما أثر كثيرا على هذه الأصوات، وبالنسبة لنا في الخليج فان ازاحة «صدام» هو انجاز كبير لم تتم المحافظة عليه، بل تم اهداره بسبب نقص الخبرة التي كان آل غور يتميز بها كونه عاش ثماني سنوات في موقع المسؤولية، وهو أمر أرادت هيلاري أن تسلط الضوء عليه كونها عاشت تجربة الحكم مع زوجها وعضويتها في الكونغرس، الأمر الذي لن يتجاهله الناخب الأميركي بسهولة، وفيما يتعلق بعواطفنا - مرة أخرى - فان اوباما الملون من أب مسلم سيجتذب مشاعرنا في تكرار لما حدث مع نائب آل غور، ويتجاهل بعضنا أن اوباما هو مرشح الحزب الديموقراطي ويتحرك وفق توجهات محددة - على فرض أن لديه ميولا مخالفة لها - واذا كنا نحن غير معنيين بالتصويت هنا، فإن الحال ليس كذلك بالنسبة للعرب والمسلمين في الولايات المتحدة الذين أظهرت تجربة فارق الأصوات الطفيف بين بوش وآل غور أن لهم وزنا ترجيحيا قد يكون حاسما هذه المرة كما كان في السابق.
الفريق الحاكم المحيط بالرئيس حاليا هو في غالبه من وزراء الدفاع السابقين والجنرالات المتقاعدين وهذا يفسر قدراتهم على الدفع بالقرار العسكري، ثم لا شيء، الأمر الذي تحتاج الولايات المتحدة الى تطويره حتى لا يتكرر وصول رئيس يتخبط في الكلام بسبب افراطه في الشرب أثناء اجتماع رسمي في اسرائيل ويقول «أحيانا تقول رأيك في شيء تعتقد أنه بسيط، ثم يتبين لك أنه معقد جدا والأفضل ألا تتحدث» كان لسانه ثقيلا، وعندها كتبت له وزيرة الخارجية (رايس) ورقة لم يتردد في قراءتها وهو يبتسم «انها ببساطة تقول لي اخرس!».
عامة نتمنى لأميركا حسن الاختيار، فهي شئنا أم أبينا عنصر حاسم في استقرار العالم أو اشاعة الفوضى فيه.
كلمة أخيرة
ويتوالى رحيل جيل الأمس، جيل تأسيس هذا الوطن برجاله ونسائه، يرحم الله عمتي التي غادرت بالأمس مع مواكب الراحلين، كان الصبر والبذل شعارها، والحنان والبسمة لباسها، والترحيب والبشاشة كلامها، لم تبخل بنصح تحمله تجاربها وتجارب الراحلين الأولين، وان يكن من شمائل جميلة نحملها نحن فهي أثر منها ومنهم ومن الباقين من جيل الأمس الجميل، حفظ الله من بقي، وأفاض عليها وعلى من سبقها واسع رحماته، اللهم آمين.