فيصل الزامل
في لقاء إذاعي قالت احدى المواطنات: «لا يزيدون الرواتب ولا يعالجون ارتفاع الأسعار، شالفايدة ناخذ باليمين وندفع الضعف بالشمال؟!» هذا المستوى من الوعي بحجم مشكلة الغلاء يستحق الاحترام، وهو يتضمن دعوة الى معالجة حكيمة لا يشوبها تدافع سياسي ينعكس سلبا على المواطن، كما حدث مع زيادة القرض السكني الذي التهمه تضاعف سعر العقار وزاد عليه، ما ألجأ المواطن الى المزيد من الاقتراض بل الى تأجير بيته بدلا من الاستفادة منه لسداد تلك القروض.
هناك مقترح نيابي بزيادة الرواتب بطريق عاطفية (50 للمتقاعد - 100 للأعزب - 250 للمتزوج) تنتهي بالتهام السوق لها بشكل مضاعف، وفي المقابل هناك جهود للسيطرة على الغلاء بعدة وسائل، منها دعم بعض السلع الأساسية - فعلت ذلك السعودية - ومراقبة الأسعار عبر الجمعيات وغيرها، مع حث تلك الجمعيات على تغيير اسلوب السداد للتجار والكف عن استثمار بضائعهم والسداد لهم بعد مدة، واستخدام اسلوب التفاوض المباشر والشراء الجماعي بكميات كبيرة، ما يخفض السعر وتكاليف الشحن والتخزين، هذه الاجراءات تختلف عن القرارات العاطفية التي تؤدي الى نتائج غريبة، حيث تطول الزيادة الكبرى الرواتب الأقل، ما يوصل راتب خريج الثانوية الى معدل راتب المهندس والطبيب حديث التخرج، لانخفاض الزيادة المخصصة لهذه الفئة.
يجب ان يتواكب الوعي الذي تحدثت به تلك المواطنة مع التحركات النيابية والحكومية في موضوع الرواتب التي بلغت 4.5 مليارات دينار سنويا في الوقت الذي تتردى فيه الخدمات العامة يوما بعد يوم، ولو أعيد توجيه هذا الصرف بما لا يتسبب في زيادة معدل التضخم ويحقق الحوافز لازدادت كفاءة تلك الخدمات، موظف «الكويتية» الذي يوزع أفراد أسرة كبيرة في أنحاء الطائرة رغم أنها حضرت قبل الاقلاع بثلاث ساعات وهو آمن من المساءلة، وآخر يظلم طالبة قائلا «احمدي ربك لم تسقطي، وسلمي على الوالد» وكان أبوها قد رفض تعيينه في موقع يديره لانخفاض درجاته العلمية عن المطلوب.. الخ، ممارسات كثيرة لا تحدث لو كان أي من هؤلاء يعمل في مؤسسة أهلية فيها مساهمون وادارة تعمل على أساس الثواب والعقاب، بصورة جادة، والنتيجة أننا نصرف 450 مليارا ونتلقى أسوأ الخدمات، وها نحن نتهيأ لزيادتها بـ 400 مليون اضافية لنرفع الأسعار، فتجتمع مصيبتان على المواطن.
إنها دعوة من الأهالي الذين لا يحتاجون الى عبقرية كبيرة لفك هذا اللغز، ولا يتطلب حله بنكا دوليا ولا اسلوب العلاج بخبطة واحدة، بل حزمة اجراءات تخفف عن المواطن - فعلا - وتنعكس على رفع مستوى الخدمات فيحصل المتفوق على ما يستحق، والكسول أو المتجاوز أيضا ينال ما يستحق.
كلمة أخيرة:
قبل 3 أعوام اتصل بي مواطن يدعي أن هاتفه المسروق عندي لأنه اتصل برقمه وأجبته أنا، طلب عنواني، فدعوته للمجيء الى مخفر قريب، مع توضيحي له أن من سرق هاتفه قد حول المكالمات الكترونيا الى أي رقم، فاعتذر ولم نلتق في المخفر، تذكرت هذه الحادثة في موضوع النائب الفاضل علي الراشد، وأتمنى أن يكون الأمر من هذا القبيل بالنسبة لمن وجهت اليه التهمة كونه - كما نشر - من الأدباء ممن يصعب حدوث هذا الأمر منهم.