فيصل الزامل
اوجه شبه كثيرة تجمع بين استقلال كوسوڤو وتحرير الكويت، حيث لجأ ميلوسيڤيتش الى القوة لسلب شعب كوسوڤو حريتهم بمزاعم كاذبة، واذا كانت «المصالح» الغربية هي التي وقفت وراء الحشود التي اسهمت في تحرير الكويت، الى جانب الدول الخليجية وبعض الدول العربية، ففي حالة كوسوڤو كان الشعور بالذنب عما فعله الصرب في البوسنة هو المحرك الرئيسي لشن حلف الناتو غارات جوية - بقيادة الولايات المتحدة - اجبرت صربيا على الانسحاب، تلا ذلك منح شعب كوسوڤو الدعم الرسمي لإعلان استقلالهم الذي تم أمس.
لا يمكن لأحد ان يلوم شعب كوسوڤو على الشعور بالامتنان للشرعية الدولية التي تحركت في حالتهم حتى وان لم يتحقق مثل ذلك التحرك في حالات اخرى، فإن الخلاص من بطش ميلوسيڤيتش هو انتصار والاستقلال عن صربيا العنصرية هو حياة جديدة، ومن التعقل وحسن التصرف ان يمنح ألبان كوسوڤو ابناء وطنهم من الصرب الشعور التام بالأمن، وان يردوا على تصريح اسقف كنيسة سانت ديمتري - في كوسوڤو - التحية بأحسن منها، حيث دعا الصرب الى الهدوء وقال: «هذا وطننا، وليس لدينا اي سبب لمغادرته، وهذه هي وصيتي لكم».
ان العالم بحاجة الى تنشيط دور الجهود الدولية امام قضايا مستعصية تعجز فيها شعوب ضعيفة عن مواجهة قوى الاستكبار المجاورة، ليس في وارد استعمال القوة فقط ولكن ايضا لدحض الاكاذيب والتدليس على العالم كما كان يفعل صدام حسين بادعاءاته المتضاربة تارة حول الحق التاريخي وتارة حول سرقة النفط، وقد شاءت قدرة المولى عز وجل ان يحول اكاذيبه الى حقائق بعد سنوات من تحرير الكويت، فها هو النفط العراقي يسرق فعلا بأياد عراقية من قبل الميليشيات التي تستعمله لتمويل عمليات القتل والابادة الجماعية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
نعم، يجب ان تسهم دول العالم اجمع في الجهود الدولية لإزالة اسباب الاحتقان مثلما تتكاتف في مواجهة الكوارث الطبيعية، فالابرياء الذين يقتلون في دارفور، ولم تتمكن حكومة السودان من معالجة مشكلتهم، من حقهم ان يحصلوا على الحماية الدولية، ومثل ذلك في كينيا، وقد رأينا بوادر انفراج عبر تحرك دولي قاده كوفي انان، ومن التقصير ان نضيف الى عجزنا عن المساعدة ان نتجاهل تلك الجهود او نقلل من قيمتها للبشرية عامة، بل وللمسلمين في كثير من دول العالم.
كلمة أخيرة:
قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ): «قد شهدت مع عمومتي في دار ابن جدعان من حلف الفضول ما لو دعيت إليه اليوم لأجبت» اي في الاسلام، وسببه ان رجلا من بني زبيد باع سلعة على العاص بن وائل ولم يعطه حقه، فاستنجد فلم ينجده احد، فوقف على جبل ابي قبيس وصاح:
يا آل فهر لمظلوم بضاعته
ببطن مكة نائي الدار والنفر
ان الحرام لمن تمت حرامته
ولا حرام لثوب الفاجر الغدر
فدعا ابن جدعان وجوه القوم، وتحالفوا على ان يكونوا يدا على الظالم للمظلوم حتى يردوا حقه، وانتزعوا سلعة الزبيدي من العاص ودفعوها اليه.