فيصل الزامل
احتفالاتنا السنوية في المناسبات الوطنية هي فرصة للتعبير عن حبنا للوطن الذي فقدناه فجأة وأدركنا في تلك اللحظة كم كنا متساهلين في الحفاظ عليه، ان الاحتفال الأكبر بالوطن انما يكون بتعزيز سيادته وتكريس هيبته، وهما مكسب شخصي لكل مواطن فمن ذا يكون عزيزا ووطنه ذليل؟ وقد أعجبني ما سطره عبدالملك آل الشيخ وهو سعودي كان يشارك في برنامج دراسي في جامعة هارفارد، دار خلاله حوار حول «سيادة الدولة» وأثرها في القانون الدولي، فتح استاذ القانون الدولي الحوار التالي:
«في انفجار الخبر عام 1995 كان معظم الضحايا من الأميركان، هل يحق للولايات المتحدة المشاركة في اجراء التحقيقات؟ أجاب أغلب الحضور بنعم، وقلت لا فالعلاقات الجيدة بين البلدين لا تبرر التدخل في القرار السياسي والأمور السيادية، يمكن متابعة التحقيق من خلال القنوات الديبلوماسية، قال البروفيسور: السعودية رفضت بشكل قاطع مبدأ المشاركة في التحقيقات، وعلل ذلك قائلا: وهذا حق سيادي لها بموجب القانون الدولي وقد مارسته كاملا».
ثم يتابع الكاتب «تذكرت هذه المحادثة اثر موافقة سورية على طلب إيران المشاركة في تحقيقات اغتيال عماد مغنية رغم عدم وجود أي من الإيرانيين بين ضحايا الحادث كما بالنسبة للأميركان في حادثة الخبر، انها مفارقة في الحرص على تأكيد سيادة الدولة يقابله تساهل يؤدي الى خرق تلك السيادة، ومن المعلوم أن العد التنازلي يبدأ عندما تسمح أي دولة بالتدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية» انتهى.
لقد كان رد فعل الشارع الكويتي في الأسبوعين الماضيين على موضوع «التأبين» تأكيدا عمليا شعبيا على سيادة الدولة وقد تفوق الشارع حتى على الحكومة في مظهر فريد يحتاج الى ترسيخ في القلوب عبر مظاهر أخرى تكرس سيادة الدولة على أراضيها وممتلكاتها بالتعاون الوثيق بين كل مكونات الدولة التي يأتي في مقدمتها وعي المواطنين، وهو ما تألق زاهيا في الأيام الماضية، حيث استطاع الناس أن يتجاوزوا الحساسيات بالتأكيد على الموضوع الأساسي وهو «سيادة الدولة» فالكويت وطن كل فئات الشعب بجميع شرائحه، والعدو الخارجي لم يفرق بيننا لا أثناء الاحتلال ولا عند تفجيره المقاهي أو غيرها، ولم تميز صواريخ صدام عام 2003 بين بيوتنا ولا مرافقنا، فالكويت كانت هي القلعة المستهدفة، بمن فيها، جميعهم، ولهذا فان تكاتف الأهالي في الحفاظ على الوحدة الوطنية هو رد من العيار الثقيل على من يريد المساس بسيادة هذه الدولة، ويتمنى أن يتمكن من التسلل الى داخلها، ولكن هيهات، بإذن الله.
إنها والله مسؤولية كبيرة يتحمل كل واحد فينا حصة كبيرة في تعزيز الوحدة الوطنية وترسيخ هيبة الدولة، فالموظف الذي يتساهل في أداء عمله ويصنف المراجعين بحسب المعرفة يخدش هيبة الدولة والناس لها أعين ترصد، فإذا كان هذا الموظف بدرجة وزير منتخب قد تفرغ لإنجاز معاملات ناخبيه والناس كلها تعرف ممارسته تلك، فإنه يضرب هيبة الدولة بفأس صدئ، تلاحقه نظرات رثاء وازدراء.
كلمة أخيرة:
كل الشكر للجنة ازالة التعديات، ونعذر الذين يتعرضون للضغوط - أنا أحدهم، ومن الأقارب - ولكن الصالح العام له الأولوية، ومن هم في موقع المسؤولية أولى بذلك منا، وبالتحديد المجلس البلدي الذي دعا لإزالة التعديات، فالدولة أشمل من ضغوط الأفراد، انها حزمة تشكل بمجموعها مفهوم «سيادة الدولة».