فيصل الزامل
فلاح الحجرف، عباس حبيب مناور، عبدالرحمن العتيقي، ناصر الرومي، علي المتروك، عبدالله الهاشمي، وممن رحلوا عن دنيانا جاسم الصقر، عبدالله المطوع، وابراهيم خريبط وعبدالمحسن الزبن يرحمهم الله، أسماء أخرى كثيرة من سائر مناطق الكويت هم مرتكز لسفينة الوطن وبالأخص عندما تشتد التجاذبات فيبرز دور هؤلاء كونهم خارج العمل «السياسي المباشر» وفي نفس الوقت هم يتابعون مجرياته عن كثب، لديهم حرية حركة واسعة لا يملكها المشتغلون مباشرة بالعملية السياسية، انهم أشبه بالمحلفين في النظام القضائي الغربي في سلطاتهم التقديرية المحررة من الضغوط، وان شئت ففي النظام الإسلامي يقول النبي ( صلى الله عليه وسلم ) «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» قال رجل «يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوما، أفرأيت إن كان ظالما فكيف أنصره؟» قال «تحجزه عن الظلم فذلك نصره».
من جانب آخر، في موضوع المذهبية، المنهج الصحيح هو عدم التعميم، وأن في الإسلام ثابتا من الدين بالضرورة وغيره محل خلاف، وأن هناك من يجرح في الثابت من الدين - من مختلف الشرائح - أيا كان بلده أو المذهب الذي ينتمي إليه أهله، كأن يكون من أهل السنة أو الشيعة أو غيرهم، وبالتالي لا معنى للتخصيص الجغرافي في موضوع العقيدة، فليس هذا من دين الله في شيء، فقد كان من هدي النبي ( صلى الله عليه وسلم ) «ما بال أقوام نستعملهم على الصدقة..» الحديث، ولم يسمه رغم أنه معروف، والشواهد والأدلة أكثر من أن تحصر هنا.
في موضوع تأبين مغنية انزعج المجتمع الكويتي بأسره الشيعة قبل السنة - حدث خلط خلافات سياسية ثنائية مع موضوع التأبين - ولا يغير من ذلك أن التأبين تم في حسينية وأن من تصدر له هم أشخاص من أتباع المذهب الشيعي، فقد حدث من الغلاة في المذهب السني في السنوات الأخيرة أكثر من ذلك، ولم ينظر أهاليهم للاجراءات التي اتخذت في حقهم على أنها تستهدف قبيلة أو شريحة في المجتمع، وقد رأينا في العمل الوظيفي أن الموظف المتقاعس الذي يسافر بغير أخذ إجازة ولا يؤدي عمله بشكل صحيح، إذا اتخذ في حقه إجراء إداري صرف ذلك الى أن سبب الإجراء هو أنه من قبيلة كذا أو مذهب كذا أو فئة كذا، وهو يعلم أن أي نائب لا يملك إلا أن يسانده إذا استخدم هذا الأسلوب «ظالما أو مظلوما» وما هذا من العقل في شيء، فقد سلك هذا الموظف دربا خاطئا واحتاج الى من يرده الى سواء السبيل، ومثل ذلك يقال عن تأبين شخص رآه جمهرة من الشهود في الطائرة المخطوفة وهو يقتل أبرياء - ليس عبر تفجير سيارة لا يعرف أحد من فجرها - ولا معنى لتأبينه إلا موافقته على فعله رغم أن التحقيقات بشأن مقتله لم تنته بعد، وهو تسرع لابد أن ينقلب على من ناصره إذا ظهرت الحقيقة.
إنني أطالب السيد علي المتروك بأن يبقى لنا، للكويت جميعها، فهو أريب وهو كذلك أديب يمكنه أن يحقق مقصوده وهو في مكانة أمثاله، فالسياسيون في الساحة كثر، وأما الحكماء فانهم قليلون جدا هذه الأيام، فزدهم ولا تنقصهم، حفظك الله.
كلمة أخيرة:
فرق بين اختيار أفضل ما قيل في مساجلات الرأي عن التأبين، واختيار أسوأ ما قيل للاستدلال به، وانما يمارس هذا التفريق «الحكماء » وليس غيرهم.