فيصل الزامل
زار الزميلان عدنان الراشد ومحمد الحسيني مدينة طهران وغيرها، وجاء في انطباعاتهما «طهران مدينة مفعمة بالحياة والجمال، ومن يزورها لاول مرة يخيل اليه انه سيدخل الى غيتو اسلامي، والحقيقة انها مدينة حية وجميلة مع انها محافظة ولها خصوصية في تصميم الطرق والاسواق»، و«تستلقي طهران عند سفح سلسلة جبال آلبرز التي ترتفع بعض قممها الى 5000 متر، ويخترقها نهر دربند، الذي تنتشر على جوانبه المطاعم الشهيرة بالمأكولات الشهية..الخ» انتهى.
مثل هذه الاستطلاعات الصحافية تتجاوز في اهميتها الجانب السياحي الى الجانب «الاتصالي» بين ضفتي الخليج في وقت نحتاج فيه بشدة الى هذا التواصل للموازنة بين الجرعة الاخبارية اليومية القاتمة عن ايران، والاستحقاق الحضاري طويل الامد معها كشعب ودولة، ما يجمعنا معها اكثر بكثير مما يفرقنا، وقد اتيحت لي فرصة مشابهة في مرات سابقة فوجدت شيئا قريبا لما رآه الزميلان العزيزان، بل فوجئت عند زيارتي معرضا يحوي كنوز الاسر التي حكمت ايران في الثلاثمائة سنة الماضية، بكمية كبيرة من التيجان المرصعة بالمجوهرات والسيوف المزينة بأغلى الاحجار الكريمة، قاعة طويلة مليئة بشيء لا يصدق من النفائس تحت حراسة مشددة، وهي تعتبر جزءا من احتياطي الدولة، سبب المفاجأة عندي هو احتفاظهم بكشوفات تسجل فيها زوجات الحكام ما يأخذنه من مجوهرات للمشاركة في اي احتفال ثم يتم ارجاعه بعد الحفل مباشرة، فهو ملك للشعب، ومثلما اتيحت للملك فاروق تمثيلية قدمته للناس «كما هو» بعيدا عن تأثير الحوادث السياسية التي اضافت اشياء غير حقيقية «لزوم الحبكة الثورية» لتبرير إبعاده، فقد تتاح لاسرة الشاه فرصة مماثلة في يوم من الايام.
ان للحكم الحالي في ايران ايجابياته وسلبياته مثل غيره، ومن ايجابياته حبه الشديد للعرب وللغة العربية وربما كانت هذه المسألة من اسباب الجفوة بين المؤسسة الدينية والشاه الذي اعجب بأسلوب اتاتورك ولم ينتبه الى الفارق بين المؤسسة الدينية في البلدين، فتركيا تميل الى الروحانية ولا تتمتع بالسلطة المؤثرة في الشارع على النحو الموجود في ايران، ما تسبب في مواجهة شاملة خسر معها الشاه كل شيء، فالحضارة الفارسية شقيق حقيقي للحضارة العربية لا يمكن فصله بعملية جراحية، هذا الامر تأخر فهمه كثيرا في الحقبة القومية، وهو ايضا متعثر حتى في الحقبة الاسلامية بسبب زيادة الجرعة السياسية وادلجة الحكم، ما تسبب في هواجس تحتاج الى مبادرات كبيرة على نحو زيارة الشيخ محمد بن راشد لطهران ومشاركة الرئيس الايراني في قمة الدوحة.
ان ايران مقبلة على مرحلة جديدة في علاقتها مع الامم المتحدة، وهي مرحلة لها بداية ونهاية، ولابد من التفريق بين العلاقات الحضارية والمراحل السياسية وهي امور ستبقى في الذاكرة مع تغير الاحوال.
كلمة أخيرة:
جاء في الحديث الشريف: «لو كان الايمان عند الثريا لتناوله رجال من فارس»، واشار الى سلمان الفارسي، الحديث في المناوي 7459 وفي مسلم «لو كان الدين».