فيصل الزامل
كتب الزميل سمير عطا الله بعنوان «الجسر اللعين»: «بدأ نيكسون حياة بسيطة ووصل الى رئاسة الولايات المتحدة وانتهى كاذبا ومعزولا ووحيدا، وكذلك خروتشوف الذي لم يعرف متى واين يتوقف في مسيرة الصعود فأصيب بداء العظمة، ومثلهما كوامي نكروما الذي حرر غانا من الاستعمار بعد كفاح طويل لكنه لم يتوقف مثل مانديللا وغاندي، بل تحول الى نكروما العظيم واقوى الاقوياء الى ان سقط» انتهى باختصار.
يقول الزميل عطا الله ان الذين يحققون الانجاز السياسي ثم يدمرونه هم اشخاص بؤساء اجتازوا الجسر اللعين بين العظمة وجنون العظمة فسقطوا سقوطا مدويا، وبالعكس اولئك الذين نجحوا في تحقيق التوافق بين الانجاز السياسي او الاقتصادي او الفكري والواقع المحيط بهم، ثم ختم كلامه قائلا «لعين هو ذلك الجسر، والعن منه المنافقون الموصلون اليه».
وفي واقعنا السياسي في الكويت فإن الصلاحيات الواسعة - جدا جدا - للعمل النيابي اوجدت حالة من انعدام الوزن عند بعض المشتغلين بهذا الميدان، وقد دفعتهم اليه بقوة «المانشيتات» الصحافية الصادرة مع طلوع شمس كل صباح، فاذا تنحنح الواحد منهم صاغت «المانشيتات» نحنحته بكلمات كالقنابل لم يقل هو حتى ربعها، وقد رأينا القادمين الجدد الى العمل النيابي وقد رتبت لهم تصريحات مدوية، وبالطبع هم لا يكرهون ذاك، ومع مرور الوقت وتكرار هذه التجربة المسلية يتحولون من هواة الى محترفين ويتكلمون بما هو اقسى مما صاغته بعض الصحف على ألسنتهم، المسألة مسألة وقت، وبهذا تزخر الجرائد بما لذ وطاب مما تبحث عنه بعض صحافتنا، مع كل اسف، ومن يحاول تصحيح المسار، فهناك «دوش» كلام جاهز ينتظره «هذا تكميم افواه»..الخ، ومن يقرأ الصحافة اللبنانية يجد قاموسا من المساجلات هو السبب الاول والمباشر لما آل اليه الحال هناك، فالسياسيون - في نظري - هم من انتاج الصحافة تشكلهم كيفما شاءت، وتنجح بشكل مضاعف مع من لديه استعدادات اكبر، لكنها لا تترك احدا لا توظفه لخدمتها، كل صباح.
لقد انهكتنا يا صاحبة الجلالة - كما تحبين ان نناديك - واستخدمت رجالات الدولة ومؤسساتها وبرامج عمل الكتل و«اطولها شاربا» لزيادة رقم المبيعات، تصريحات تولد في دهاليزك «عقلاء المجلس» ننشغل بها حينا من الدهر، ومطالب تورط فيها نواب لأنك حرضت الناس عليهم «120 موكافية، بعد زيدوا الرواتب 50»، أليست هذه ملهاة؟! لقد نقلت الى دول الخليج وباقي البلاد العربية صورا داكنة عن الحياة الديموقراطية ما اشعر كثيرين بالسعادة لأنهم لا يعيشون في هذه الاجواء، ويقولون ان الفساد الذي يسببه غياب الرقابة البرلمانية ليس اكثر سوءا من فساد الحياة البرلمانية، حسبما تنشرونه في صحفكم، كسبنا التنمية، وخسرتم مكانتكم التي جعلتكم ذات يوم «جوهرة الخليج».
كلمة أخيرة:
قراءة التجربة البحرينية «النيابية» تشير الى تكرار النموذج «اللبناني/ الكويتي»، حيث لم يجتمع البرلمان لثلاثة اسابيع بسبب «الثلث المعطل» وعدم احتكام ذلك الثلث الى الدستور واللائحة، انها ديموقراطيتنا العربية التي لا تؤمن بالاغلبية حكما في الخلافات.