فيصل الزامل
ندوتان تعقدان اليوم وغدا: الأولى بعنوان «الأخلاق المنظمة للمؤسسات الاقتصادية» تقيمها اللجنة العليا للشريعة برعاية محافظ البنك المركزي، والثانية بعنوان «التحريات المالية لمكافحة جرائم الأموال» ويقيمها بنك الكويت المركزي بالتعاون مع وزارة الخزانة الأميركية، وهي اشارة الى الاهتمام المتزايد بتنقية أجواء العمل الاقتصادي والمالي من الممارسات غير السوية، حيث تتوجه الندوة الأولى الى قطاع المؤسسات وتناقش على مدى يومين كيفية حماية المعاملات المالية من ارتخاء الانضباط الأخلاقي الذي تسبب في هز أركان بنوك عملاقة مثل «بيرنج» و«سويس كريديه» وشركات ضخمة مثل «انرون» وغيرها، والسبب في الغالب هو العنصر البشري، لهذا اتجهت ندوة لجنة الشريعة نحو وضع مبادئ تحقق الصيانة للسلوك على اعتبار أن الارتخاء لا يحدث فجأة وأن له مقدمات، ما يتطلب أيضا يقظة النظام الداخلي في المؤسسة، والتقاء قياداتها بالعاملين فيها بشكل مستمر حيث يؤدي عمق العلاقة بين أعلى السلم القيادي والعاملين الى تواصل مباشر يحفظ درجة حرارة كافية في علاقة الموظف بالمؤسسة، علاقة تقوم على الولاء للقيم التي تأسست عليها وللقادة المحبوبين الذين يسهرون على نجاحها ويحرصون على انصاف العاملين فيها، فتتضاءل فرص الانحراف، وقد لا يكون الانحراف لمصلحة شخصية تخص الموظف، بقدر ما هو الانشغال الزائد الذي يؤدي الى تقصير في معالجة القضايا بالصورة الصحيحة وتجاهل القيم الحاكمة لعمل المؤسسة في زحمة ذلك الانشغال، وبالرغم من توجه ندوة الشريعة الى عموم المؤسسات المالية الكويتية الا أن تلك «العاملة وفق الشريعة» قد حظيت من الندوة بعناية خاصة رغم أنها تسير بخطى ثابتة في هذا الصعيد بالنظر لارتباطها برقابة شرعية، غير أن مبدأ «الوقاية خير من العلاج» يفرض طرح آليات لصيانة تلك المؤسسات، من بينها تنشيط دور أجهزة الرقابة الداخلية وتطوير أدوات قياس الأداء ليس فقط لصالح المؤسسة ولكن أيضا لحماية مصالح عملائها بشكل طوعي يستبق حتى توجيهات الجهات الرقابية الرسمية، ومن أمثلة ذلك موضوع توزيع الفائض التأميني الذي بادرت اليه بعض شركات التأمين التكافلي، في خطوة مميزة تؤكد الفرق بينه وبين التأمين التقليدي في اشراك العميل في نتائج حسن استخدامه للتغطية التأمينية.
وفي الندوة «الثانية» يعلن البنك المركزي عن تأسيس «وحدة للتحريات المالية» بالنظر الى ان كشف جرائم الأموال يتطلب استعدادت خاصة قد لا تتوافر لدى رجل الأمن العادي، سواء من الجانب المهني المحاسبي أو التكنولوجي.
لقد تزامن عقد هاتين الندوتين مع فورة اقتصادية ازداد فيها حجم المعاملات وتشعبت أنواعها، ما يجعل توعية كل الأطراف أمرا لازما (المساهمين، الموظفين، عملاء البنوك، المستثمرين في سوق الأوراق المالية وفي المحافظ الاستثمارية، الصحافة الاقتصادية) فجميعهم معنيون بسلامة المرفق المالي من أنواع الفساد الذي سيتراجع مع ازدياد اليقظة وصدور العقوبات الصارمة بحق المسيء سواء كان فردا أو شركة أو بنكا، ما يؤدي في النهاية الى سلامة البلاد والعباد من الفساد والمفسدين.
كلمة أخيرة:
في البورصة يقوم البعض بنشر أخبار كاذبة واشاعات، أو يبيع ويشتري بعد حصوله على معلومات داخلية، وفي أميركا تسبب ذلك التصرف في دخول مارثا ستيوارت السجن ولم يحل دون ذلك أنها من المشاهير وبرنامجها عن فنون الطبخ هو الأشهر هناك، ترى هل نشهد رصدا لمثل هذه التصرفات عندنا؟