فيصل الزامل
جاء في نشرة الاخبار الكويتية حول الاحداث في البصرة «.. وسمع اطلاق نار ودوي انفجار..الخ» استوقفني هذا التعبير البسيط، فما يحدث في العراق هو حرب كاملة بدأت منذ يوم الخميس الماضي، استخدمت فيها كافة الاسلحة التي تستخدمها الجيوش من مدافع الهاون التي تهز البيوت حسب تجربتنا ايام الاحتلال، قصف بالطيران، ارتال دبابات داخل المدن، الموضوع تجاوز اعمال القتل والتفجير الى الحرب الشاملة التي تدور بين التيار الصدري وحزب الدعوة الذي يرأس احد ممثليه الحكومة العراقية، وهو نوري المالكي، وقد ذكرني الهدوء الذي نعيشه في الكويت رغم ضخامة الاحداث على مسافة قصيرة من حدودنا، بما حدث في اول ايام الغزو عام 1990، قلت لمن تجمعوا خارج المسجد بعد صلاة العشاء «ثبت اننا في غيبوبة، لم ندرك جيدا ان هناك خلف الحدود احقادا وضغائن تتجمع واستعدادت كثيفة لهذا اليوم الذي انشغلنا عنه تماما وعلينا تحمل تبعات ذلك» واليوم، لا ارى الا اننا نعيش تكرارا لتلك التجربة، فالغليان الجاري بقربنا وتلك الحرائق لن تتوقف عند حد، بينما القوم هنا عندهم حفلات يومية (تأبين - فرعي - ازالة تعديات ..الخ) قضايا تتولاها في بقية الدول ادارات مختصة، في حين نعيش حفلة صدامات لأي موضوع، صحافتنا سعيدة واحزابنا مبتهجة لتلميع الاسماء «البوارج الاميركية ستدافع عنا، لا داعي للقلق!» رغم ان تلك البوارج فشلت تماما في تحقيق الاستقرار في العراق، وخسرت حربا - غير معلنة - مع ايران، اخطر دروس تلك الحرب ان تلك البوارج عاجزة عن التعامل مع الحروب الاهلية، بينما نحن نتسلى باستفزاز بعضنا، ونستبعد - بكل ثقة - امتداد الشر الينا!
احد المشاركين في تلك «الحفلات» عندما كان نائبا قبل سنوات وصل الى المطار للسفر مع اسرته متأخرا، وجدهم قد اقفلوا الطائرة استعدادا للاقلاع، فهدد وأرعد وأزبد، واتصل برئيس مجلس ادارة «الكويتية» في تلك الفترة، وبعد المكالمة ردد عبارات «أشيله أشيله»، نفس الاسلوب كرره في حفلة «الفرعي» بشكل استعراضي امام الواقفين «راح أشيل وزير الداخلية»، ولن ادخل في تفاصيل اي من تلك الحفلات، ولكنني اتساءل «هل هؤلاء في سكرة؟ اوضاع بالغة الخطورة يمكن ان تتجاوز في قوتها التدميرية احداث 1990 والجماعة خبر خير، غاية علمهم «سمع اطلاق نار وراء الحدود»!
المواطنون في البصرة بلا طعام منذ ايام بسبب الاقتتال بين العراقيين أنفسهم، طالبات في السكن الداخلي يستغثن والقصف العشوائي طال اسرا بأكملها...الخ، ولو رجعت الى بداية الحرب الاهلية لوجدتها كانت مجرد كلام، ثم اسلحة بسيطة وقديمة، وها هم اليوم يستخدمون اثقل المعدات العسكرية داخل المدينة وبين الاحياء السكنية وكأنهم في حرب تدور بالصحراء.
يا قوم، لقد قيل قديما «اذا حلقت لحية جارك فاسكب الماء على لحيتك» وانتو كيفكم.
كلمة أخيرة:
تدرس الحكومة الهولندية اللجوء الى القضاء ضد فيلم يسيئ الى القرآن الكريم تاركة للمحكمة تقدير مسألة حرية التعبير اذا تسببت في اضرار بحقوق الآخرين والأمن الوطني، ونحن سننتظر ما يقوله الغرب في تقدير «درء المفاسد اولى من جلب المصالح».