فيصل الزامل
لن يختلف المجلس الجديد عن السابق، فالاولوية هي لإهدار موارد الدولة وتشتيت تركيزها في مسلسل متلاحق من الازمات، ما يجعل عودة المجلس المنحل اخف ضررا من القادم باعتبار ان الجديد لابد ان ينفق اكثر حتى يحقق الرضاء الشعبي وهو وهم كبير فضحه «الفرعي»، حيث تسير اتجاهات الناخبين في خط مختلف، ولو انهم صدقوا ما عاهدوا الله عليه لكان خيرا لهم!
بهذا المعنى، فإن النقاش الدائر حاليا حول «امكانية عودة المجلس السابق بسبب عقبات اجرائية وقانونية قد تؤخر صدور مرسوم الدعوة الى الترشيح» امر مقبول في ظل الاجواء نفسها التي ستقدم لنا مجالس تتسابق على نحر الدولة ماديا ومعنويا، وتتلخص «العقبات» في زيادة عدد مراكز الاقتراع ومضاعفتها للرجال والنساء، ما يجعل امكانية الانتهاء من التصويت في الوقت المحدد في يوم الانتخاب امرا متعذرا، حيث لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة لهذا الامر بسبب مفاجأة الحل، واهم من ذلك امكانية الطعن في سجلات الناخبين حتى شهر يونيو المقبل، اي بعد موعد الانتخابات، ما يجعل نتائج الانتخابات في مهب الريح، فالمرشح الفائز يفقد عضويته في حال نجح الطعن في سجل قيده، ما لم تنته فترة الطعن قبل موعد الاقتراع
لقد شهدنا تسابقا على تقطيع وشائج المجتمع الكويتي للفوز بالمقعد النيابي حتى قبل ان تبدأ الحملة الانتخابية بشكل رسمي، فليس افضل لمرشح مكروه في اوساط مجموعته لازالة تلك الكراهية من الاثارة الطائفية او العرقية، على طريقة رامي لكح، وهو مليونير مصري غادر بلاده هربا من مطالبة قضائية تلاحقه كراهية الرأي العام المصري، وعندما اجرت معه محطة الجزيرة لقاء، طرح عليه احمد منصور سؤال «ولكن مصر ليس فيها...» ولا اذكر عبارته، الا ان رامي لكح حورها بسرعة قائلا «اسمع، انا ما اسمحلكش تتهجم على مصر، ده مصر فيها احسن نظام، وانت في الخليج ما تقدرش..الخ»، وكانت النتيجة انه استمال عواطف المشاهد المصري العادي، الى الحد الذي نشرت فيه صحيفة مصرية كاريكاتيرا جاء فيه «يخيبك يا منصور، خليتنا نحب رامي لكح»! وبالمثل عندنا، مرشح له خصوم كثيرون في محيط القبيلة او الفئة ايا كانت يقوم باستثارة الجانب الفئوي، وتأليب الكويتيين بعضهم على بعض، فتختفي مساوئه بسرعة في بحر من المشاعر العنصرية او الطائفية، وتتكرر تلك المقولة «يخيبك يا انتخابات، خليتينا نحب فلان رغم سواد اعماله».
لا احد يقرأ الدرس اللبناني، فالذين تساهلوا في عام 1975 وحطموا هيبة الدولة هم اليوم من سكان كندا والبرازيل ينظرون بحسرة الى ابنائهم واحفادهم وقد اصبحوا غرباء عنهم، يعيشون على ذكرى الضيعة اللبنانية التي ضاعت، وها نحن على الدرب سائرون، الكويت كعكة وليست وطنا، وهي غنيمة مستباحة اكل منها آخرون و..الخ، هذه كارثة على الجيل الحالي والقادم، والمسؤول هو تلك الاعراف المدمرة التي استسلم لها العقلاء قبل غيرهم، رغم انهم يعلمون ان عشرات باعوا كل شيء لاجل الكرسي لكنهم فقدوه ببساطة شديدة، هذا الكلام ينطبق على من يستخدمون المال السياسي من داخل السلطة، حيث لم ينفع كل ذلك الانفاق على شراء الولاءات في حماية وزيرين من الاسرة الحاكمة، فما فائدة ممارسة هذا العبث؟ ومتى نستيقظ من هذه الغفلة؟
كلمة أخيرة:
اللهم احفظ الكويت وشعبها من كل «مقامر سياسي».