فيصل الزامل
ما ذكره الأخ العزيز سامي النصف يوم أمس حول عدم تكافؤ النقاش بين الطرفين: نواب يهاجمون الحكومة بعنف ويقذفونها بكل أنواع التهم التي تكفي واحدة منها للاطاحة بحكومة كاملة، يقابل ذلك صمت أو ردود هامسة أسماها الـ «بس بس» ما أدى الى ترسخ تلك الاتهامات، خاصة انها تبث عبر الفضائيات العربية بأصوات نواب وغير نواب وتسجل في محاضر مجلس الأمة بغير تفنيد رسمي مدعّم بالمعلومات التي تملكها الحكومة ولكنها لا تحسن عرضها بنفس قوة الطرح الذي تقدم به، هذه حقيقة، ومن حق المواطن ان يستمع الي رد شاف من أي حكومة تتصدى لادارة شؤون الدولة، فقد تم انشاء جهاز في مجلس الوزراء لتدعيم ردود الوزير بالمعلومات اللازمة، كما تم تخصيص حقيبة وزارية لشؤون مجلس الأمة، ولكن!
ان المعلومات التي تملكها الحكومة في أي موضوع هي أضعاف ما يملكه النائب ومن حق المواطن ان يعرف حقيقة الوضع ما لم يمس نشر المعلومة الأمن الوطني، والأهم من المعلومة هو قوة ووضوح البيان الذي يبدو انه قد تأثر بحصول النائب على حصانة يقابلها انكشاف الوزير تماما من أي حصانة، بل تؤدي قوة طرح الوزير في أغلب الأحيان الى اثارة شهية بعض النواب للتكالب عليه، وقد يكفي نائب واحد فقط للاطاحة بوزير تجرأ على تقديم المعلومات التي يحتاج اليها الرأي العام، كما حدث مع السيد بدر الحميضي الذي لبى دعوة قناة الراي الى ندوة وافق على حضورها النائب ضيف الله بورمية حول موضوع اسقاط القروض، ثم تراجع النائب في اللحظة الأخيرة واستاء من انعقاد الندوة في غيابه مع قوة معلومات الوزير ووضوحها التام حول تلك المسألة، فكان لابد من عقابه واهدار عمله، بل ملاحقته في وزارة النفط في شخصانية كاملة لا يقرها الدستور، ان عطاء ربع قرن من الزمن في خدمة وطنه لم يحقق له الحصانة في تقديم المعلومات كما يطلب الزميل سامي النصف، ونحن معه، فكيف يتحقق التوازن في مسألة الطرح وتقديم المعلومات؟
لقد نجح مجلس الأمة بشكل جزئي في الإعلان عن النواب الذين يتغيبون عن الجلسات بغير عذر، ونشر أسماءهم في الصحف، والمطلوب هو متابعة التسيّب، ليس فقط في حضور اللجان، ولكن أيضا في انشاء لجنة حكماء يشكلها المجلس من خارج الأعضاء لرصد الخروج عن النص، والشخصانية، واستخدام الكلمات الجارحة التي كانت في البرلمان المصري في الأربعينيات تكفي لإسقاط عضوية النائب، وما لم تتحقق تلك الحماية للوزير فإنه لا يملك إلا الـ «بس بس».
ان للأعراف البرلمانية قوة تفوق السلـطات الدستورية، وتتضاعف قوتها عندما يتحــقق لها التحصين القانوني الذي يتبناه النواب أنفــسهم، وسيحفظ الناس ذكرى النواب الذين أقروا إزالة التعديات على أملاك الدولة ويتراجع الساخطون اليوم، عندما يتأكد لهم ان هيبة الدولة بقوانينها وسلطاتها الدستورية كانت على المحك في موضوع «إزالة التعديات».
كلمة أخيرة:
غالبية النواب - في مجالس متعاقبة - كانوا يشرحون لمن ينتقد صراخهم أنه بسبب «الفلاشات» و«المانشيتات».. لا تلومونا، الصحافة هي السبب!