فيصل الزامل
تقوم وزارة الأوقاف مشكورة بتحسين أداء المساجد معماريا إضافة إلى الجوانب الأخرى، إلا أنها تواجه ضغوطا من مواطنين يرغبون في هدم مساجد محددة وإعادة بنائها لصالح الوالد أو الوالدة الراغبين في التبرع سواء مع إطلاق اسميهما أو دون ذلك، ويؤدي تفضيل المتبرع لمساجد محددة إلى هدم مساجد جيدة البناء رغم مرور سنوات طويلة بسبب جودة التنفيذ وجمال التصميم.
هذا النوع يحتاج إلى صيانة عادية فقط، غير أن المتبرع يرفض الذهاب إلى حيث الحاجة الحقيقية والأجر العظيم مثل إعادة بناء مركز تعليم القرآن الكريم في منطقة الفيحاء - كمثال - الذي يسجل في دوراته 120 شخصا، ينسحب منهم 100 بسبب أعطال في كل شيء: التكييف، المقاعد، السبورة، المرافق الصحية، المطبخ ..الخ، ويعجز المئات من المواطنين الراغبين في تحسين صلتهم بكتاب الله عز وجل عن ذلك لهذا السبب، يقابل ذلك هدم مساجد في حالة ممتازة، تحصل على صيانة دورية!
هذا ما يحدث هذه الأيام في المسجد الذي نصلي فيه، ولا يلتفت أحد الى شكوى عشرات المصلين من دخول العمال إلى مسجدهم والإعداد لهدمه من أجل بناء آخر، حسب طلب متبرعين رغم أنه لا يتحمل التوسعة كونه قد استوعب المصلين من مناطق أخرى في مرحلة إعادة الهدم والصيانة الشاملة، وهو في حالة ممتازة إنشائيا، الأمر الذي يطرح أهمية توعية المتبرعين بالجانب الشرعي فإن إقامة مركز لغسيل الكلى أو إغاثة مصابي الربو الذين يتعرض بعضهم للاختناق إذا تأخر إسعافه، هذا النوع من الأعمال يتسبب في إحياء أنفس، (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)، ومثل ذلك يقال عن وسائل ممتازة، فقد سمعت من أحد تجار الكويت أنه شاهد في مكة المكرمة مجمعا سكنيا كتب عليه «وقف عثمان بن عفان ( رضي الله عنه )» وسأل عنه فإذا هو بالفعل مما أوقفه عثمان ( رضي الله عنه ) لأعمال الخير واليوم يستخدم ريعه لتعليم الفقراء، يقول «حطيت يدي على راسي، ألف وأربعمائة سنة والأجر ماشي لهذا الرجل بسبب أسلوب الوقف؟!» هناك طرق تطيل من عمر المتبرع في ميادين الأجر فقد يتعرض مسجد بنيته اليوم للتلف بعد سنوات، وقد حدث هذا مع أحد الأقارب في مسجد بناه في مكة المكرمة وبعد سنوات أعيد بناؤه من متبرع آخر، ولو أنه كان وقفا يدر دخلا لبني المسجد وتوافرت له الصيانة إلى ما شاء الله .
إن وزارة الأوقاف مطالبة إلى جانب التوعية، بتنويع الفرص للمتبرعين وطباعتها في كتيبات شائقة تبين حجم البناء وعدد المستفيدين المحتملين سواء لمساجد أو مراكز قرآن أو أعمال خيرية تنفذها بالتعاون مع جهات أخرى كوزارة الصحة أو الشؤون أو بيت الزكاة، حيث يؤدي هذا التعريف بتلك الفرص إلى تعديل اتجاهات نسبة كبيرة من المتبرعين كبار السن ممن يثقون بما يرونه لا بما يسمعونه، بل يمكن الاستعانة بأهل الخير من المتبرعين وإقناعهم بعدم الاكتفاء بالتبرع وإخفاء أسمائهم، فان الناس تثق برأيهم، بعضهم يتصل ويحول مبلغا لبناء مركز متكامل وربما أرسل أحدا بغير معرفة جهة التنفيذ لتفــقد المشروع، فيكرر التبرع، ولو أنه ترك التخـفي وقدم النصح لمن يطلبه لتضاعف أجـره، فالـدال على الخير كفاعله.
كلمة أخيرة:
في دولة شيـوعية سابقة استدعى رئيس المخابرات مدير الجامعة التي أنشأتها جمعية كويتية، ذهب ومعه ملفات للرد على الأسئلة التي يتوقعها، إلا أن الرجل طلب منه إغلاق تلك الملفات وقال له «استدعيتك لأنني أريد أن تدرس ابنتي عندكم، أعرف معلومات عنكم أكثر مما في هذه الملفات».