فيصل الزامل
لم تواجه الكويت نقصا في فئة المدراء والقياديين للمؤسسات المالية، البنوك، شركات التأمين، الاستثمار وغيرها منذ الفترة التي تلت التحرير وحتى الآن، رغم ان عددها تجاوز المائة، وتنوعت في التخصصات وانتقلت الى العالمية، ومع ذلك لم تشهد الكويت ندرة في هذه الفئة مثلما يحدث في دول اخرى تناولت صحفها هذا الموضوع بشيء من القلق، ليس فقط لارتفاع تكلفة الموظفين المهرة في هذا القطاع، ولكن ايضا لأن زيادة الطلب أدت الى انتقال من ليست لديه أبسط درجات التأهل بسبب الحاجة، وذلك في قطاع بالغ الحساسية لمسؤوليته عن مدخرات الافراد واستثماراتهم.
في هذا الاطار لابد من الاشارة الى دور عدد من المؤسسات المالية الكويتية التي مارست دورا مهما في تغذية السوق بالكفاءات البشرية، مثل بيت التمويل الكويتي، شركة الاستثمارات الخارجية، شركة المباني الجاهزة، وبالرغم من قلة عددها الا انها تميزت بفتحها الباب على مصراعيه لتدريب ابناء الوطن وتجاوزت بشجاعة نادرة عقدة الاجنبي، وهو امر تتردد في القيام به شركات ذات ملكيات محددة حتى وان كانت مدرجة في سوق الاوراق المالية، الا ان غالبية ملكيتها لفرد او اسرة واحدة، كما في بعض المصارف الخليجية التي تعمل وفق الشريعة، منحها القدرة على الاستقطاب، كما حدث مع بيت التمويل، حيث توافد اليه الشباب وذلك لترجمة قناعاتهم، وقد وجدوا فيه ما أرادوا، وربما اكثر من فرص التعليم المهني وبكفاءة كبيرة شاركوا هم في بلورتها ودفعها الى اقصى الحدود الفنية.
لم يعرف عن هذه المؤسسات تفضيلها لاتجاه سياسي أو فكري معين، ولم تكن جمعياتها السنوية تعكس شيئا آخر غير طبيعي، بل اتجهت الى التجار على اساس تبادل المنافع بدلا من منافستهم فيما يستوردونه، فتأكد للجميع انها لا تمثل استحواذا على المصالح بقدر ما تسعى الى توسعة الاسواق، وتطوير الاداء، لهذا قدمت - كمثال - خدمة السحب الآلي من خلال السيارة في عام 1983 وهي خدمة لم تطرحها بقية المصارف الا في بداية التسعينيات، وعندما ارادت تلك المصارف طرح منتجات مالية تتفق مع الشريعة الاسلامية شارك العلماء في هيئات شرعية لصالح صناديق طرحتها تلك المصارف، وذلك بذمة مالية مستقلة وتنظيم حقق لتلك المصارف تلبية احتياجات عملائها، ولم يكن هناك احتكار لهذه المعرفة، كما يحدث عادة في اسواق المال.
هكذا كانت البداية، ونتمنى ان يستمر حملة الراية من الجيل الثاني في متابعة المسيرة، وتحسين ادائها احسن مما هي عليه، وفي مقدمة ذلك كله تعزيز القيم التي قامت عليها، والتي عقدت لأجلها «ندوة» موسعة قُدمت فيها اوراق شملت رصدا دقيقا لممارسات نتمنى الا تتوسع، وان تعالج وهي لاتزال في بداياتها قبل ان تستفحل، وبالرغم من قلة عدد المشاركين في تلك «الندوة» من المؤسسات المالية، الا انهم اثروا النقاش الى أبعد الحدود.
كلمة أخيرة:
شارك الشباب البحريني اخوانهم الكويتيين في الافادة من نشأة المؤسسات المالية التي اتاحت لهم فرص التدريب، ونتمنى ان يشمل تبادل التجارب والفرص التدريبية سائر دول الخليج، فالاستثمار البشري في مختلف القطاعات هو ثروتنا الحقيقية.