فيصل الزامل
نشر الاستاذ عبدالرحمن الراشد مقالا عن الديون العراقية للكويت وقبل التعليق على رأيه لابد من الاشادة بمواقفه وجريدة الشرق الاوسط لبيان الصورة الصحيحة في مناسبات شتى، وبالنسبة لموضوع الديون فهو يعرض - ويدعم - وجهة نظر الحكومة العراقية التي تقول: «الذي يحكم العراق اليوم ليس هو صدام الذي ارتكب جريمة الغزو، بل ضحاياه، وقد دفع العراقيون الكثير بسبب افعاله على مدى ثلاثة عقود، بل لقد خدم صدام الكويت بناء على قاعدة رب ضارة نافعة فقد دفع الامم المتحدة لضمان مستقبل البلاد التي وضعت حدا لاي مغامر يعبث بأمن الكويت» يتابع الاستاذ الراشد «مع انني احترم الاتفاقات الدولية، الا انني اعتقد ان موقف الكويت مبالغ فيه، لماذا الاصرار على تغريم العراقيين في وقت محنتهم؟ واذا كانت الكويت تصر من حيث المبدأ، فبإمكانها ان تنتهج اسلوب المقايضة وان تتبرع بتلك المبالغ لمن تراه مستحقا في العراق ويخدم مصالح الكويت، المسألة ليست رأفة بالعراق بقدر ما هي الحاجة لبناء الثقة مع جارتها» انتهى.
لقد تركز الحديث على الكويت رغم ان حصتها من الـ 383 مليارا المستحقة على العراق لصالح دول عربية واجنبية هي 190مليارا، والباقي لـ «الصين - مصر - هولندا - الامارات - فرنسا» واذا علمت ان القدرة على انتاج النفط في العراق قبل 1990 هي اربعة ملايين برميل يوميا، اي ما يساوي بالقيمة الحالية للبرميل ايرادا سنويا بواقع 175 مليار دولار، فأنت تتحدث عن دولة مليئة ماليا في الظروف العادية ولا نفهم تركيز الحديث على الكويت دون سواها ممن لم يتعرض لما تعرضت له الا انه استكمال لاسلوب النظام القديم معها، اضف الى ذلك الحركة السريعة التي قامت بها الكويت بعد سقوط النظام السابق في تزويد العراق بالكهرباء رغم النقص الذي تعاني منه، وضخ المياه عبر انبوب مستمر وليس عبر شاحنات من شركات بيع المياه، وبناء مستوصفات عاجلة اضافة الى صرف عشرات الملايين لاعادة اعمار العراق ولا يقابل ذلك شيء مماثل من دول عربية ملاصقة للعراق وتستفيد منه تجاريا ولا تقدم له شيئا مماثلا لما قدمته الكويت، رغم انها كانت سببا مباشرا في توريطه بالمأساة ولا داعي للدخول في التفاصيل.
لقد تكرر الحديث عن ان ما حدث هو مسؤولية النظام السابق، وهو امر انتفى مع التصرفات المتكررة من جانب مواطنين عراقيين تجاه الكويت في السنوات التي تلت زوال ذلك النظام، حيث لم تنفع جهود الكويت في تصحيح العلاقة على المستوى الشعبي، ما ادى الى سقوط مقولة مسؤولية النظام وحده، صحيح انها لا تمثل بقية الشعب الذي يردد كثير منهم مقولة «هذي البلاوي كلها حوبة غزو الكويت» وليس ادل على صدق تلك المقولة من السرقة المنظمة للنفط العراقي على ايدي الميليشيات «حوبة» اتهامات كاذبة عام 1990، وتلك الاعمال الوحشية من قتل جماعي وتعذيب شرس شهدته الكويت، ثم لم تمر اشهر قليلة على التحرير حتى تلقى الكويتيون اتهامات بالمبالغة في وصف ما حدث لهم، فلم تكن هناك كاميرات تصور ولكن ضحايا وجثث لم يصدقها هؤلاء، انه استصغار لمعاناة شعب تمثلت في التركيز عليهم في موضوع الديون والتعويضات دون غيرهم.
كلمة أخيرة:
وصف احد الديبلوماسيين العراقيين السابقين احداث 1990 «اول ما دخلنا الكويت كان عيد الاعياد، بعد اسبوع تبدلت الصورة لما تدخلت اميركا» الاحتلال والغدر هو عيد الاعياد، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.