فيصل الزامل
الذي حدث في بيروت هو أن واشنطن شجعت الحكومة اللبنانية على فرض القانون وبسط سيطرة الدولة على مرافقها، واكتفت بالتفرج عليها وهي تنفذ نصائحها الحكيمة دون أن تفعل شيئا سوى تلك الإعلانات المملة في القاعة الزرقاء بالبيت الأبيض، وبذلك فهي تذكر بمشهد من الرسوم المتحركة، حينما رأى القط الكلب نائما، فأخذ يقيس الحبل المربوط على عنقه ثم رسم خطا على الأرض، وأخذ لوح خشب ووقف خارج نطاق الخط، حيث لا يصل إليه الكلب، وضربه ضربة قوية، فقفز الكلب ليهجم عليه فمنعه الحبل، ثم ذهب القط فمسح الكلب الخط المرسوم على الأرض ورسم خطا آخر أقرب اليه من الخط الأول ولما رجع القط وأعاد ضرب الكلب هجم عليه هذه المرة ومزقه إربا إربا، هذا المشهد ذكرته لأحد المسؤولين قبيل نشوب حرب عام 2003 مع نظام صدام، وسألته بعد شرح ذلك المشهد الكرتوني «ترى احنا شايلين العصا ونتحدى صدام عسى واشنطن ما تغير قياس الحبل وتمحي الخط ؟!» فضحك المسؤول كثيرا من التشبيه.
وهاهو المشهد يتكرر في بيروت، هذه المرة تركت واشنطن من شجعتهم ليتحملوا النتائج وحدهم، و في رأيي فإن مسؤولية واشنطن عما يجري في لبنان كبيرة جدا جدا، فهي لا تكف عن توجيه التهديدات لسورية منذ سنوات وتريد من اللبنانيين أن يتحملوا وانها - أميركا - ستتخذ قرارها بشأن تصرفات دمشق في لبنان، وتمضي الاغتيالات ويزداد تدفق الأموال والأسلحة حتى تحول لبنان الى شرذمة من الأحياء البائسة!
الصورة التي تصدرت الصفحة الأولى في عدد من الصحف العربية لملثم من حزب الله في مكتب تيار المستقبل وقد رمى صورة رفيق الحريري على الأرض ووضع صورة الرئيس الأسد، تشير بوضوح الى علاقة هذا الحزب بسورية، رغم أن هذه العلاقة لا تحتاج الى دليل، ولكنه تصرف ساذج أحرج من كانوا يجادلون في هذا الأمر، واذا كان المحققون في العادة يبحثون عن أي ورقة أو دليل أو بصمات أو يرصدون محادثة هاتفية ترشد الى من يقف وراء ضرب الدولة اللبنانية، فإن هذا الشخص من حزب الله قدم لهم مستندا معززا بالصور.
مرة أخرى أميركا هي التي ورطت لبنان، بإعلاناتها الطويلة عن محكمة دولية لا تحمل أي علامة من علامات الجدية، بدليل زيادة شراسة الممارسات في لبنان، بينما هذا الملف يتنقل بين مبعوثين لم نعد نذكر أسماءهم لكثرتهم، ولا خلاف على أن حسم الأمور عسكريا في لبنان شبه مستحيل كونها متداخلة بين الأهالي، وأيضا لا خلاف على أن معالجة الملف السوري هي الحل لأزمة لبنان، هذا اذا تركت قوى اقليمية - مؤثرة في واشنطن - تلك المعالجة تأخذ طريقها.
كلمة أخيرة:
جاء في الحديث الشريف «لتأمرنّ بالمعروف، ولتنهونّ عن المنكر، أو ليسلطن الله عليكم شراركم، ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم».