فيصل الزامل
بغض النظر عن الدور الخارجي في تحقيق المصالحة في لبنان الا أن تجارب الفشل المتكررة تستدعي استمرار العمل لحماية هذا الاتفاق من الانهيار، فقد كانت البوابة التي دخل من خلالها «الآخرون» الى لبنان هي عجز أهله عن التواصل فيما بينهم، فقد كانت فئات منهم تنظر الى فئات أخرى بتعال وازدراء لا مبرر لهما، ولم يكن للحكماء منهم دور في رصد تلك التصرفات ومحوها بتصرفات مقابلة سواء في الأعياد أو الاحتفالات الخاصة بكل فئة أو أي مناسبة تظهر متانة الروابط الوطنية، كانت تلك التصرفات تنخر في وشائج الطوائف مع بعضها البعض وهي في غفلة كاملة عن أن هناك من يتعالى عليهم بالجملة ويعتبرهم «جميعا» أقل من أن ينفردوا بدولة خاصة بهم.
هذا الأمر عشناه نحن في الكويت، فقد ساد التنافر ساحتنا المحلية لسنوات طويلة وكان الناس يستغربون من تعالي العراقيين عليهم، يقول لي أحد الاخوة الخليجيين «شاركت بالثمانينيات في اجتماعات عربية عقدت في بغداد، لاحظنا أننا كخليجيين نعامل معاملة جيدة باستثناء الكويتيين الذين معنا، وهو أمر لم يكن الاخوة الكويتيون يلاحظونه» لقد كانت الثقافة المنتشرة في العراق منذ العهد الملكي بأن الكويت جزء من العراق قد تملكت العقل والوجدان لدى المواطن العراقي، لهذا كثيرا ما كنا نسمع قصصا من كويتيين يواجهون التحقير اذا زاروا العراق أو مروا بها، فإذا سألوا عن الطريق وعرفوهم من لهجتهم أو لباسهم وجدوا الاستهزاء واذا دخلوا مطعما تلقوا معاملة كلها تحقير، هذه ليست حوادث فردية بل جماعية تسمعها عشرات المرات، كانت تلك المشاعر تتراكم على مر السنين ولم يفعل صدام حسين شيئا سوى أنه فجرها، بينما كان الكويتيون لعقود طويلة من الزمن في غفلة كاملة عن تراكمها، يتداولون تلك الإساءات على أنها طرائف ولم يكتشفوا أنها دخان يسبق اندلاع النيران وانتشارها بسرعة غريبة والسبب هو تراكم غاز الحقد والضغينة.
الفارق بين لبنان والكويت هو في فشل العراق في الحصول على موطئ قدم في داخل الكويت والالتفاف حول الشرعية فيها بشكل واضح أزال اللبس عند الخارج وبدد الرسائل الخاطئة التي وصلت اليه ولو بشكل متأخر، وفي الحالة اللبنانية تم خلط «القضية الفلسطينية» قسرا باستحقاق الاستقلال والاستقرار، وهو أمر أيضا فشل العراق في تطبيقه على الكويت، وقد انكشف التذرع بالمقاومة في لبنان مرتين الأولى في حرب 2006 حينما صار الوطن درعا بشرية والثانية في مايو 2008 حينما صار المواطن رهينة للحصول على المطالب.
لقد تجاهل البعض تأثير إصرارهم على استخدام هذا البلد لإشباع حاجاتهم في سفرات قصيرة أو عبر فضائيات تنشر فيها مقدمات الممارسات المحرمة بين الجنسين وكأنها أمر صحيح تخصص له الجوائز ويترصده الإعلام بينما هو فعل فاضح، لا يضيف الى ثروتنا البشرية من الشباب والشابات شيئا، وبالطبع لن يعجب هذا الاستنكار من يستخدم لبنان لحاجاته الضيقة، ونحن ننبه أنفسنا وأيضا الشعب اللبناني الى تأثير تلك التصرفات على استقرار أمنه، وكثيرا ما نردد في الكويت والخليج أن «صنائع المعروف تقي مصارع السوء».
حفظ الله لبنان والجميع من تلك المزالق، ومتعهم بصحة الأوطان ومن مزالق تعيد عقارب الساعة الى الوراء.
كلمة أخيرة:
نصيحة الأخ خالد السلطان بشأن عدم الخلط بين التجارة والحكم جيدة جدا، ويجب أن يعيها من سمح للنواب بمثل هذا الخلط، كيف يمكن الجمع بين ادارة شركات لها مصالح مع الوزراء وسلطة محاسبتهم؟