فيصل الزامل
منذ جلسة الافتتاح صرحت كتل نيابية برفضها للعودة الى منهج التأزيم، وتوالت كلمات النواب الرافضة للاسلوب الاستعراضي، ومتجاوبة مع حث وتوجيه صاحب السمو الامير للنهوض بالبلاد والخروج من هذه الدوامة، هذا الحصار واجه اقلية الاستعراض فعملت على اختراقه مستخدمة خطابا شعبيا يتجاوب مع المواقف النيابية والنطق السامي.
كتبت في تأبين د.احمد الربعي - يرحمه الله - «لا اعرف غيره يقدر على الكتابة في تصحيح الانحراف في حياتنا السياسية دون ان يتعرض للتخوين» وها نحن نرى خطابا شعبيا يتعرض الى التخوين بعد ان تم اغفال فقرات منه عمدا، وذلك للمزيد من التشويه من قبل اصوات تنادي بحرية التعبير ليل نهار، ولكنها - يبدو - «حرية مشروطة»، وللخروج من هذا الجدل البيزنطي فإننا بحاجة الى الوقوف على الوضع المالي للدولة حيث ارتفعت المصروفات العامة خلال اربع سنوات فقط من 12 مليارا الى 17 مليارا، استفادت منها قطاعات «التضخم» حيث اتجهت زيادات الرواتب والكوادر المالية لسداد اقساط السلع التي ارتفعت اسعارها بشكل مواز لتلك الزيادات وفق قانون اقتصادي لا يرحم، ولم يكن للخدمات العامة والمشاريع نصيب يذكر من المليارات الخمسة الاضافية التي ذهب اكثر من نصفها الى التأمينات الاجتماعية ومنها الى «الاقساط».
لقد كانت الموازنة العامة للدولة تحسب على اساس 12 دولارا للبرميل لتحقيق التعادل، تم رفع السعر في الميزانية الى 50 دولارا، ثم الى 75 دولارا لتحقيق التعادل وهو مؤشر سيئ بالنظر الى عدم استفادة التنمية من هذا الصرف، حيث يبلغ عدد الطلبة الكويتيين في البحرين 4000 طالب وفي الاردن 6000 طالب، وباعتبار ان ما يتكبدونه لا يقل عن 3000 دينار في العام، فهؤلاء يصرفون 30 مليون دينار سنويا وهي كافية لانشاء جامعة بأفضل المواصفات، فإذا اضفت اليهم اعدادا اخرى تدرس في مصر وبقية دول مجلس التعاون واوروبا واميركا وفي الهند وباكستان، فإنك ستواجه نزيفا ماليا وبشريا واجتماعيا لا معنى له، وقد سمعت من طبيب كويتي انه ذهب الى كندا في بعثة للتخصص، وعندما صدر قبول الجامعة هناك تبين انها قبلت 17 طبيبا سعوديا ولم تقبل 3 اطباء كويتيين هو واحد منهم، السبب هو سمعة الكويت في سداد الرسوم مقابل سمعة غيرها، وعاد اطباؤنا الى مستشفياتنا التي يستقبل الطبيب فيها في اليوم الواحد 75 مريضا بينما المعدل العالمي هو 10 مرضى في اليوم، يحدث كل ذلك رغم ان اعلى ثلاث ميزانيات في الكويت هي لوزارات الدفاع والصحة والتعليم، ولكن اين تصرف تلك الاموال؟
استمع احد الشباب المؤهل لتولي منصب قيادي الى رئيسه المنتخب: «والله انك يا بومحمد افضل وصاحب خبرة لا ينكرها احد من الموظفين، ولكني مضطر لترقية فلان بدلا منك، بصراحة هذا وراءه 600 صوت، ومثلك عارف» وبالطبع فإن من تمت ترقيته بهذه الطريقة سيركز اهتمامه على الـ 600 مواطن فقط، وعندما اعترضت مواطنة على تأخير انجاز معاملتها قائلة لهذا المسؤول: «لو كنت من جماعتك لانتهت معاملتي بسرعة».
فقال لها «اهلي وجماعتي ما يحضرون للوزارة، معاملاتهم توصل اليهم بالبيت عليها التواقيع والاختام».
كلمة أخيرة:
قال العم عبدالعزيز الصقر يرحمه الله بعد حل مجلس 1986: «المحافظة على المجلس مسؤولية كبيرة ومن يكون في موقع القرار النيابي يتحمل الجزء الاكبر منها».