فيصل الزامل
بالنسبة لي ارتبط اسم «عصام البشير» بانجاز كبير، ولهذا اشعر بالأسف ان يربطه بعض الاخوة بالمنافسة السياسية بين «سلف» و«اخوان» في تصغير غير مقبول لقضايا التيار الديني وانجازاته، واصعب منه ان يبني اكثر من يسمع بهذا الموضوع موقفه على اساس السمع دون الاهتمام بالانجازات والاداء الحقيقي، وقد زرت مركز الوسطية عدة مرات وزاره كثيرون غيري من الكتاب فلم يجدوا فيه ما يسمعون عنه، بل ابحاثا راقية يحتاج اليها العمل الاسلامي ايما حاجة في ظل الاجواء العاصفة التي تتناوشه، واحرص على حضور خطبة الجمعة للدكتور عصام البشير مع اكثر من الف مصل من مختلف التيارات الاسلامية وعموم الناس من مثقفين وغيرهم، فلم نجد في واحدة من خطبه ما يبرر خصومة كالتي نراها وسيُسأل عنها من يغذيها يوم القيامة، والناس - شهداء الله في أرضه - سيكونون خصما ثقيلا على من تقدمت عنده المنافسة السياسية على ما سواها من موازين.
لقد اســتوعب المنــهج الاسلامي الانسان «المسلم وغير المسلم»، وهو يســتوعب الطائع والعاصي من المسلمين، وبقدر ما يحوز المرء من علم ودراية بهذا المنهج بقدر ما يعرف هذه الخاصــية، وقد رأينا اشخاصا لم يسلم منهــم مشايخهم والسبب هو غياب صــفة «الاســتيعاب»، وتقدم عليها المنظار المكبر، وراصــد كالمــجهر، فلو عطس شيخه ولم يحمد الله اخذها عليه، ثم لا يلبــث هو ان يكــون مركز رصد من آخرين، وهكذا دواليك، وقد رأينا في منهج النبوة تساميا كبيرا عن هذه الأمور، بل حتى اشرار الناس كان رسول الله ژ يستقبلهم بوجه باشّ، ويقول لعائشة رضي الله عنها عندما سألته عن ذلك «يا عائشة، متى عهدتني فحّاشا؟» فكيف يكون الحال مع اصحاب سبق وعطاء في دين الله؟!
لقد جرى نقاش في الدولة العثمانية في اواخر القرن الثامن عشر حول الأخذ بمجلة الأحكام العدلية كمصدر للقوانين المعاصرة في ذلك الزمان، غير ان التنافس في الساحة الاسلامية أوجد ثغرة دخل منها آخرون طالبوا بادخال القانون الفرنسي، فهدأ المتخالفون (...) ولكن ميزان حسابهم في التاريخ الاسلامي الحديث لم يهدأ بعد أن فوتوا على المسلمين فرصة تطوير القوانين كي تتواءم مع الشريعة الاسلامية في وقت مبكر، وهم سيتحملون جريرة ما سمي بـ «اغلاق باب الاجتهاد» الذي استغرقت اعادة فتحه اكثر من مائة عام.
لقد وضع د.عصام البشير خبرته الادارية كوزير سابق، وعلمه الشرعي، وثقافته الاسلامية الواسعة وتحصيله الأدبي الفياض، وضع كل ذلك في خدمة قضية تشغل بال العالم الاسلامي بأكمله، وكان من نصيب الكويت ان تحتضن هذا الانجاز مثلما احتضنت «الموسوعة الفقهية» وعرف لها القاصي والداني هذه الأسبقية، فهل سيشمل التراجع العام الذي تشكو منه الكويت في سائر أمورها الميدان الاسلامي في جانبه العلمي والفكري؟!
ان بناء المواقف على اساس السمع لن يعفي من المسؤولية أيا منا، وما لم تكن هناك بينة فهذا والله الحيف الذي دالت بسببه الدول، و«إن الله ينصر الدولة العادلة وان كانت كافرة، ويخذل الظالمة وان كانت مؤمنة».
وليست المسؤولية هنا ملقاة على قلة منا بينما نحن نسمع ونرى، ونسكت، بل سنكون شركاء في الظلم بهذا السكوت.
كلمة أخيرة:
دول الخليج التي تسارع إلى أخذ المبادرات في حقول كثيرة - مع الأسف هجرت بعضها الكويت - قد انشأت مؤسسات تخدم الفكر الاسلامي واخرى في العمل الخيري، سواء في الامارات او غيرها من دول الخليج، جزاكم الله خيرا، (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون).