فيصل الزامل
خلال أسبوع واحد تفقد الأسرة الاقتصادية شخصيتين بارزتين، برحيل الأخ العزيز سامي البدر، يرحمه الله، والحمدلله في جميع الأحوال، فالتسليم بأمره وقضائه من مستلزمات الإيمان وجميعنا يعلم أن (كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام).
عرفت الأخ سامي في فترة مبكرة من عمره عبر صحبتي الوثيقة مع أخيه الأكبر عبدالعزيز البدر، وعملنا معا في بيت التمويل الكويتي الذي جمع عددا كبيرا من الطاقات الشابة التي أرادت التوفيق بين اهتمامها بالعمل في القطاع المالي، وقناعاتها الدينية، وتحول «بيتك» الى جامعة خرجت جيلا كاملا كما هو معروف، كان الأخ سامي واحدا من هذا الجيل، ثم جاءت مرحلة ما بعد التحرير والحاجة الى جهود مضاعفة لإعادة إعمار الوطن وتأسست لهذا الغرض محفظة مالية بخمسين مليون دولار قدمها البنك الإسلامي للتنمية، وتولى الأخ سامي إدارة هذه المحفظة عبر شركة أشرفت على تأسيسها مجموعة البركة، باسم «المجموعة الدولية للاستثمار» وتمت اعادة المحفظة مع أرباحها الى البنك الإسلامي للتنمية بعد انتهاء الغرض من تأسيسها، وتحقق أغراضها، ثم استمرت «المجموعة» بقيادة الأخ سامي يرحمه الله.
طبعا في العمل المالي تبرز خلافات كثيرة، لم تسلم منها «المجموعة» وقد حرصت خلال تلك الفترة على بذل جهود التوفيق بين مختلف الأطراف من موقع المراقب الحريص فقط لا غير، وبشكل عام نجح الأخ سامي في إعادة ترتيب أمور «المجموعة» التي تفرعت عنها عدة مؤسسات في عدد من القطاعات الاستثمارية والتمويلية، وهو أمر تطلب جهودا ضخمة امتدت الى خارج الكويت لفتح آفاق استثمارية جديدة تعزز من قيمة «المجموعة» سواء في الخليج أو في بعض الدول العربية، الأمر الذي شكل ضغوطا صحية غير عادية على شخص الأخ سامي يرحمه الله، وهو أمر يحتاج الى انتباه جميع العاملين في القطاع الاقتصادي والاستثماري، فالضغوط التي يواجهونها ثقيلة بشكل غير معقول، ما ذكرني باستطلاع صحافي بعنوان «يا رجال الأعمال، صحتكم».
إن هذه الفئة من المجتمع لها أهمية كبيرة بما تحققه من انجازات وإضافة الى الاقتصاد، ما يجعلنا نتقدم اليها بالنصيحة للانتباه في ادارة أعمالها الى تحقيق الموازنة بين مصالح المساهمين والعملاء بغير إفراط ولا تفريط، والموازنة بين حق العمل عليهم وحق أهليهم عليهم من الناحية الصحية والاجتماعية، يقول لي صديق خليجي «كانت هوايتي البحرية هي الجزء «الثاني» من حياتي، أعمل طوال النهار مع جزء من الليل والعمل هو الجزء «الأول» من حياتي أما أسرتي وصحتي فهي جزء مهمل تماما، قالت لي زوجتي «الأبناء كبروا، وأنت تقضي نهاية الأسبوع في البحر يومين أو ثلاثة، وبقية الأسبوع أنت في المكتب، من سيربي أبناءك في سن لا أقدر فيها عليهم؟» عندئذ قررت تغيير نمط حياتي، قمت ببيع القارب، وربطت هواياتي مع هوايات أفراد أسرتي تماما، وتحقق عندي شيء من التوازن».
يرحمك الله أخي سامي، كثيرا ما كنت تقول: «اذا لم تكن لأعمالنا موازين قيمية فلا خير فينا ولا في أعمالنا» وأيضا «أموال المساهمين أمانة في عنقي، سأعمل بكل طاقتي على الحفاظ عليها وتنميتها» كان هذا همك، وقد استنزف منك الكثير، رحمك الله رحمة واسعة، كفيت ووفيت أخي بوبدر، فارقد آمنا بإذن الله.