فيصل الزامل
لماذا تكون المحاسبة والمساءلة في حق من يعمل، بينما الذي لا يعمل ويكتفي بإيقاف دولاب العمل، لا يجد من يسائله؟ للتوضيح، قارن بين خسارة «الكويتية» مبلغ 2.1 مليار دولار نتيجة الغاء وزير المواصلات السابق اتفاقية شراء طائرات تمت وفق نظام المناقصات، قارن ذلك مع خطوات وزير النفط التي شهد بسلامتها ديوان المحاسبة والنيابة العامة، ونظرت فيها لجنة الشكاوى في مجلس الامة واكتفت بالتوضيحات التي قدمت إليها، بعد أن تبين ان خطوات وزارة النفط تهدف الى تنفيذ المشروع بالتكلفة الحقيقية من دون ارباح غير منظورة، لماذا تنفتح شهية بعض النواب لمقاومة هذا الانجاز وتتجاهل تصرفات تسببت في هدر حقيقي للمال العام واضرار بمصالح المواطنين بل تهديد سلامتهم؟
إننا نطالب دائما بأن يكون الوزير شجاعا وان يتحمل مسؤولياته ويجيب على الانتقادات، فإذا وجدناه سعى بعضنا إلى تحطيمه؟ ثم يكرر ببرود شديد عبارة «الضعف من الحكومة» وهو كلام براق يظن من يقوله انه قد دفن تصرفاته المشبوهة العوجاء وصرف الانظار عن ممارساته بمجرد أن يلوك تلك الكلمات، إننا في بلد يسهل فيه شتم الوزير العامل بجد واجتهاد، والمتضرر الحقيقي ليس هؤلاء الوزراء ولكن الناس، كل الناس، الكبار الذين يراجعون المستشفيات ويضيعون في زحمة مواعيدها ورداءة صيانتها، والشباب الذي يريد مواصلة تعليمه فلا يملك إلا الترحال نحو الدول المجاورة، وآخرون يبحثون عن فرص عمل فلا يجدون.
لقد اوضح لنا وزير النفط في بيانه ما يلي:
خطواته تمت وفق قانون 66 لسنة 1998، وقانون المناقصات العامة رقم 37 لسنة 1964، وحفظت النيابة العامة الشكوى الموجهة ضد المشروع لانتفاء مبرراتها.
تنفيذ المشروع وفق نظام محاسبة باضافة هامش ربح محدد على التكلفة تم حسب توصية صادرة عن مجلس الامة، وقد اعتمدها مجلس الوزراء في 7/7/2007، ويقتصر دور الوزير على تنفيذ تلك التوصية التي ادت الى تحقيق وفر في التكلفة بمليار دينار، فقد كانت تكلفة المناقصة بالاسلوب السابق (تسليم مفتاح) 5 مليارات دينار - باسعار سنة 2005 - وبالطريقة الحالية 4 مليارات دينار، رغم مرور سنتين، وأي تأخير في البدء سيفقد الكويت الوفر الذي تحقق مع استمرار الارتفاع المتزايد للأسعار العالمية.
تم طرح المشروع في مناقصة لاختيار المستشار، واتبع اسلوب الاسناد الذي تعمل به الشركات النفطية في جميع مشاريعها الكبرى منذ سنوات بعيدة، وهو اسلوب منصوص عليه في قانون المناقصات العامة واللائحة المنظمة له، وتولت لجنة المناقصات في المؤسسة تقييم العروض ثم قامت لجنة تضم اعضاء من خارج المؤسسة بمراجعة اعمالها، ثم اعتمد مجلس ادارة المؤسسة قرارها.
ايضاحات الوزير المباشرة افادت الرأي العام الكويتي، وهو أمر يستحق الوزير عليه الشكر حتى لا تختلط المعلومات على الناس الذين ملوا من الاستماع الى طرف واحد يكيل الاتهامات، بينما يكون مصير الردود الوافية والشافية هو أدراج مجلس الامة، الامر الذي يعطل الرقابة الشعبية على اداء السلطتين معا، وربما كانت هذه الخطوة المتميزة من الوزير الشجاع محمد العليم هي سبب انزعاج بعض النواب كونها ادت الى مزاحمتهم على عقل المواطن الذي يريدون الاستفراد به.
لقد مارس فريق من ابناء هذا الوطن في وزارة النفط ومؤسسة البترول مهامهم بكل امانة وصدق وتفان كبير، ونجحوا في اقامة مشاريع ضخمة في شرق آسيا بالمليارات من الدولارات، وتطلب ذلك منهم القيام بجهود مرهقة ادت الى انهيار احدهم صحيا بسبب الاجهاد في العمل ونقله الى المستشفى من المطار مباشرة، كل هذا لا يزعجهم بقدر ما يتألمون أنهم لا يستطيعون ان يفعلوا شيئا مماثلا في وطنهم بسبب تلك الاجواء السلبية التي احتاجت الى تكاتف المواطنين لحماية مستقبل ابنائهم من شعار «نحن نمارس اللعبة السياسية».
لقد تم توقيع عقود المصفاة الرابعة وهي الآن في مراحل التنفيذ ولن تتوقف بإذن الله وقد رأينا أول تباشير هذه الخطوة التاريخية في صورة اعلانات التوظيف للكويتيين في القطاع النفطي وهي تزين صفحات الصحف (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) ولهذا نقول لهؤلاء الشباب «جزاكم الله خيرا عن مستقبل وطنكم، وايضا شكرا لشجاعتكم في التصدي لمسؤولياتكم».
كلمة أخيرة:
قال عربي يصف قومه «إن رأوا خيرا كتموه، وإن رأوا شرا أذاعوا به»، وفي حالنا تكون العبارة «إن رأوا إنجازا حاربوه، وإن رأوا هدرا حقيقيا تجاهلوه».