فيصل الزامل
ارتفاع الاسعار موضوع يمس كل اسرة، ما يتطلب وقفة مع القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء الاسبوع الماضي، وفي مقدمتها دعم جهود البنك المركزي الرامية للحد من التضخم، حيث اشادت بتلك الجهود جهات متخصصة (قال رئيس الاقتصاديين في بنك hsbc سايمون ويليامز «بنك الكويت المركزي اكثر بنوك المنطقة حزما والاول في مواجهة خطوات فعالة لمواجهة التضخم»، كما صرح بنك ستاندارد آند تشارتر «نمو العرض النقدي بدأ في الانخفاض والعامل الرئيسي هو المبادرات التي قام بها بنك الكويت المركزي»)، وقد استتبع ذلك عدد من الاجراءات من ابرزها:
تأسيس شركة للخدمات التخزينية.
زيادة قيمة الدعم للمواد التموينية التي تقدمها وزارة التجارة عبر البطاقة التموينية واضافة مواد جديدة اليها (مواد البناء والاغذية).
انشاء صندوق البطاقة العائلية لدعم اسعار السلع الضرورية تحول اليه مبالغ كانت تستقطع من الجمعيات لمصلحة المحافظات ووزارة المالية (7% - 30%) كلفت بادارته شركة المطاحن المملوكة للدولة.
انشاء اللجنة الوطنية لحماية المستهلك، للقيام بالابحاث والدراسات واصدار النشرات وتنظيم الندوات حول السلع والمنتجات بما يرفع من معدل الوعي الاستهلاكي (تابعت تقريرا في احدى الفضائيات عن شكوى ايران من هدر في مادة الخبز بنسبة 30% بسبب الطريقة التقليدية وتصل كمية هذا الهدر الى ثلث الخمسة ملايين طن من الدقيق التي تستهلكها ايران سنويا، واستمر التقرير في عرض تجارب مماثلة في مصر وغيرها من الدول).
الحقيقة يمكن وصف حزمة الاجراءات هذه بالتكامل، بدلا من الاجراء الأحادي التقليدي المتمثل في زيادة الرواتب لمواجهة الغلاء والذي ترتب عليه رد فعل سلبي من الاسواق امتص تلك الزيادة مرة تلو الاخرى، ولا بد من التوقف طويلا عند مسألة زيادة الوعي والابلاغ عن تصرفات غير منطقية، حيث يتنازع الشركات الاستهلاكية اتجاهان لتحقيق الربحية، «الاول» زيادة الارباح من خلال رفع الاسعار و«الثاني» زيادة الارباح من خلال طرح اسعار تنافسية تؤدي الى زيادة حجم المبيعات وتعزيز الحصة السوقية عبر جهود ترويجية، وبالطبع يتطلب الاسلوب الثاني بذل جهود اضافية وتخطيطا جيدا ومصادر استيراد متميزة.. الخ، بينما لا يتطلب الاسلوب الاول سوى اخبار العاملات على ماكينة المحاسبة بالزيادة فيضعونها على السلع واذا اشتكت العميلة او العميل قالت العاملة بالانجليزية وبلهجة فلبينية «آسفين، رفعنا الاسعار»!
من جانب آخر، اشتكى المواطنون من ارتفاع اسعار مواد منتجة محليا مثل الاسماك في بلد يمتلك ثروة سمكية معتبرة، والسبب هو التصدير، وهانحن نرى البلاد المصدرة للارز وهي تقلل صادراتها منه مراعاة لحاجة الاستهلاك المحلي رغم امتلاكها لثروة زراعية ضخمة، في الوقت الذي لا نملك فيه طعاما منتجا محليا الا النزر اليسير، ومنه تلك الاسماك التي تصدر الى دول عربية واجنبية، الامر الذي يجعل قرار منع تصدير المجترات والدجاج والاسماك امرا بالغ الاهمية، وحسنا فعلت الدولة بتكليف وزارة الداخلية بالاشراف على تطبيق هذا المنع بالتنسيق مع الهيئة العامة للثروة السمكية.
لقد جاءت القرارات الاخيرة في الوقت الملائم، ويتطلب تنفيذها متابعة حثيثة، والتحدي هو في تحقيق الاستمرارية، ما يجعل تأسيس شركات وتكليف اخرى قائمة وتشكيل لجنة وطنية، لتحقيق الاستمرار في التنفيذ، نقلة جديدة في ربط المتابعة بآلية مؤسسية متخصصة، منعا لضعف التنفيذ وتوزع المسؤوليات.
كلمة أخيرة:
التعاون بين اللجنة الوطنية لحماية المستهلك وجمعيات النفع العام والمواطنين هو اضافة كبيرة لحملة مكافحة الغلاء، وربما انتقلت هذه التجربة الى دول الخليج، وقديما قيل «إدوا الغالــي تركــه».