فيصل الزامل
قال أحد المتشبهين بالنساء: «كيف لطفل بريء لا يعرف ما هو جنسه أن يلام لتقليده الجنس الآخر، في الاتجاهين؟» تابع قائلا: «نحن لسنا شاذين جنسيا ولكن لدينا معاناة منذ الصغر، لم ينتبه أهلنا الى مشكلتنا في تقليد الجنس الآخر حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه، نحتاج الى المساعدة، العقاب لن يعالج قضيتنا» ويقول أيضا «جزء من المشكلة هو نوعية الطعام الذي يحتوي على مواد كيماوية تؤثر في هرمونات البشر، وأدوية لها آثار جانبية على الحالة النفسية للطفل وأيضا للأم في فترة الحمل، بل حتى أكلها وشربها في تلك الفترة ينعكس على أطفالها بعد الولادة، هذه ليست مشكلتنا وحدنا إنها مشكلة المجتمع وأنماط معيشة خاطئة» انتهى.
لقد تعامل مجتمعنا بشكل تضامني مع ذوي الاحتياجات الخاصة وحقق نجاحات كبيرة عندما تحركت أجهزة حكومية وأهلية لمواجهة كل قضية على حدة من خلال عمل مؤسسي يعمل فيه اختصاصيون ومتطوعون، وشهدنا انخفاضا في نسب الطلاق وتحولت حالات الإعاقة من سر دفين بين أربعة جدران في البيوت، إلى حالة طبيعية يتعامل معها المجتمع باحترام سواء للمعاق أو لأسرته الشجاعة التي قبلت التحدي النفسي وانتصرت عليه، وفي الحديث الشريف «إنما تنصرون بضعفائكم»، هذا الأمر ينطبق على هذه الفئة التي وصلت الى هذا الوضع المزعج لها قبل غيرها - يسمون حالتهم اضطراب الهوية الجنسية - ومن خلال حديثهم فهم يتوقون إلى إنهاء ذلك الاضطراب، وربما يرى أكثرهم أن ارتياحه الى الجنس الآخر ناتج عن ظروف معيشية ولا يعني ذلك قبوله باستمراره في حالة التذبذب هذه، وقد أخذت المعالجة الاتجاه التشريعي لما يترتب عليها من حقوق وواجبات لا تحتمل البلبلة، كأن تقول امرأة أنها حملت من علاقة لها مع الجان وهو باب فضفاض لمن تريد تبرير خيانة زوجية والدخول في عالم الرذيلة، فالمشرع لا يتقبل دخول الرجل «المضطرب جنسيا» في قسم السيدات في المستشفيات أو أن يتم تفتيشه في المطارات في غرف السيدات أو أن يربك نظام الإرث في قانون الأحوال الشخصية وقوانين كثيرة تنظم العلاقات المالية وغير المالية في المجتمع، بسبب حالة «الاضطراب» التي ندعو للالتفات إليها على نحو ما بيناه آنفا.
إنني أطالب هؤلاء بحماية قضيتهم من سوء الفهم وذلك بعدم ظهور تصرفات لا تحتمل الا فهما واحدا، هم فيما يبدو يرفضونه، وقد أظهرت الصورة المنشورة لهم في جريدة الوطن وبعضهم يحتضن الآخر في تصرف لا يمكن معه مطالبة الناس بعدم إساءة الفهم (....) وعندئذ فقط سنقول لرجال الداخلية «الضرب أو الاحتجاز ليس حلا» ونتمنى أن يساعدنا أصحاب هذه المعاناة في دفع الأمر نحو المعالجة السليمة بمختلف الوسائل لتحويل الاضطراب الى استقرار نفسي، فلا أحد يتصور أن تستمر حياته لسنوات بغير استقرار يتفق مع الطبيعة الأساسية له، وألا يتحول الاستثناء إلى حالة أصلية وهو يعلم أن للطبيعة أحكاما لا تقهر!
كلمة أخيرة:
رفع الى عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) أمر قتيل ملقى في خربة، فقال «اللهم أظفرني بقاتله» بعد تسعة أشهر وجدوا طفلا رضيعا ملقى في نفس المكان، فقال «قد ظفرت بالقاتل» وعهد بالرضيع الى مرضعة أمرها ان أحد سألها عنه أن تبلغه، فلما جاءتها جارية تقول «مولاتي تسألك أن ترى الطفل وتعيده» أخبرت عمر فلما سأل عن الفتاة أخبروه أنها ذات عبادة وصلاح، فذهب الى منزلها وطلب من أبيها أن يجلس اليها وحدهما، ثم أراها السيف قائلا «أنت قاتلة فلان، أصدقيني وإلا فهذا؟».
فقالت «أصدقك، قد كانت لنا ماشطة تتعهدنا ولها ابنة تأتي معها، فلما أرادت السفر تركتها معنا في البيت، ولما كان الليل وثبت علي فإذا هي غلام في زي فتاة، ونال مني بقوته، ولم أتركه يخرج حتى وجأته بخنجر حتى مات، وأمرت به فألقي حيث رأيتم، ثم حملت بالرضيع».
فقال لها عمر «لا رأينا ولا سمعنا» - حفظ القضية - ثم خرج الى والدها وأوصاه بها خيرا.