فيصل الزامل
تعرض حساب البريد الإلكتروني الذي أستخدمه الى اعتداء من أحد لصوص الإنترنت الأمر الذي دعا للبحث في هذا النوع من السرقات الذي فشا في العالم، فلم تسلم منه الدول ولا الشركات ولا البنوك فضلا عن الأشخاص، وقد تلقيت اتصالات متلاحقة في الأيام القليلة الماضية من أشخاص قام اللص بمراسلتهم منتحلا شخصيتي، مدعيا وجوده - وجودي - في ماليزيا وفقداني شنطتي التي تحوي المحفظة وبطاقات الصرف والجواز...الخ، وحاجتي الى تحويل نقدي عاجل لأسدد للفندق $1400 مع مبلغ آخر $3700 تذكرة العودة..الخ، وتطلب الأمر مني القيام بالرد على اتصالات محلية ودولية عديدة لتنبيه من تلقوا تلك الرسائل وأخبروني برسائل قصيرة، وبالطبع قام اللص بتغيير كلمة السر حتى لا أدخل على بريدي، كي يستمر في انتحال شخصيتي ومراسلة قائمة العناوين البريدية فيه بما يحلو له على اعتبار ان استجابة عشرة أو عشرين شخصا تعني تكرار الأرقام التي ذكرها، وسيستغرق تصحيح الأمر عبر الهوت ميل يومين وربما أكثر، أرجو خلالها ألا يستجيب له أحد ممن يراسلهم.
هناك طرق عدة يتمكن من خلالها لص الشبكات من التسلل الى بريدك الإلكتروني، أولها ان تصل إليك رسالة من شخص لا تعرفه مرفق بها ملف ما إن تفتحه حتى يكون بريدك مفتوحا أمامه للدخول أو استخدام ملف مضغوط يفك به الشفرة السرية لبريدك، ولهؤلاء طرق غريبة في التسلل، فقد يستخدمون أشخاصا تعرفهم وتقبل فتح البريد الوارد إليك منهم بينما بريدهم معطوب، فينجح التسلل، عبر طرف يجهل انه حامل الڤيروس.
بعض هؤلاء القراصنة اعتبر ما يقوم به هو نوعا من الجهاد الموجه نحو إسرائيل، ففي العام الماضي نجحت مجموعة من ستة أشخاص في اقتحام عدة بنوك إسرائيلية عبر اختراق شبكة الكمبيوتر فيها والدخول الى قاعدة بياناتها، كما نجحت تلك المجموعة في اختراق موقع عائد الى بنيامين نتانياهو، قال مستشار أمن المعلومات في إسرائيل مون زافدي: «استطاعت هذه المجموعة الدخول الى 950 موقعا داخل وخارج إسرائيل، أبرزها بنك اسرائيل المركزي».
الحقيقة ان شعار «العالم قرية صغيرة» من الناحية الإعلامية يمكن تحويله في الناحية الإلكترونية الى «العالم يعيش في غرفة واحدة» فالپنتاغون نفسها أصبحت مادة لقراصنة الكمبيوتر، الذين عطلوا 1500 جهاز بداخلها ويتصفحون بريد 3000 موظف يعملون مباشرة مع مكتب وزير الدفاع في قضايا أمنية بالغة الحساسية، وربما يتفوق هؤلاء تقنيا على إدارات الپنتاغون والسي آي ايه التي أنشأت إدارات كاملة تخصصت في اعتراض المكالمات الدولية والبريد الإلكتروني منذ سبتمبر 2001، بينما هي اليوم مكشوفة أمام شباب من مختلف أنحاء العالم يعبثون بها كيفما يحلو لهم!
باختصار، لا يمكنك تجاهل هذا الموضوع حتى لو لم تكن متعاملا به كون المحيطين بك سيتأثرون حتما، وبالذات من الجيل الجديد، بل تتجه المعاملات اليومية الى شاشة الكمبيوتر لتختصر لك الوقت والجهد في إنجاز معاملاتك، وما لا تعرفه يمكن ان يفعله شخص آخر في أسرتك، ومثلما ان هناك قواعد صحية للسلامة من الجراثيم فنحن بحاجة الى التوعية من ڤيروسات الكمبيوتر، وتبسيط هذه المعلومات لتنتقل من دنيا الألغاز الى أحاديثنا العامة، فالعصر الحالي والقادم هو عصر الكمبيوتر، بامتياز.
كلمة أخيرة:
أعجبتني صور لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله في مكتبه وهو ينظر الى شاشة الكمبيوتر، ويحرك الفأرة، إنها رسالة قوية الى الناس، من رجل في سنه ومركزه، بأهمية التعامل مع هذه التقنية بكل جدية واهتمام.