فيصل الزامل
قال: «تكتب بلهجة التفاؤل باستمرار، هل ترى ما يدعو الى التفاؤل فعلا؟ أمورنا الى انحدار متزايد، هل تفعل ذلك لتحصل على السرور لنفسك - تونس حالك - أم ماذا؟».
قلت لمحدثي، أفعل ذلك ليس لأنها طبيعتي الشخصية، على العكس، أنا أكثر ميلا الى الجدية ولا أجيد عرض النكات، و أتمنى لو أنني أملك موهبة الكتابة الساخرة، ولهذا فهذا الأمر عندي يتجاوز الطبيعة الشخصية الى القناعة الدينية، إن شئت، فقد سمعت بالحديث الشريف «من قال هلك الناس، فهو أهلكهم» وعلمت أن الشيطان يحرص على نشر الاكتئاب والقنوط بين الناس «إنما الحزن من الشيطان» وتقرأ بفتح الحاء والزاي، وهو يختلف عن الحزن بضم الحاء، وجاء وصف أهل الجنة بأنهم يحمدون الله الذي أذهب عنهم الاكتئاب (الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن، إن ربنا لغفور شكور، الذي أحلنا دار المقامة من فضله) فإذا كانت وظيفة الشيطان هي تقنيط الناس فهل ترى أن نشاركه في هذه الوظيفة؟ ألم يقل ربنا تبارك وتعالى (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون).
قال: «شيء جميل، ولكن تصحيح الأوضاع الخاطئة يحتاج الى هزة عنيفة».
قلت: «التصحيح يحتاج الى قدرات وهمم، والاكتئاب يفرغ الناس والدولة من الحماس الى العمل، والفارق كبير بين ايصال النصيحة الى المكان الصحيح و بالأسلوب الصحيح، ونثرها على أسماع المارة في الطرقات والأسواق وعلى صفحات الصحف لتفت في عضد الناس، وتوهن من عزائم حتى من بيده أي قدر من السلطة، حيث يفقد الجميع الثقة بالنفس ويشك أكبر مسؤول في أنه يستطيع أن يرفع السماعة للمتابعة، بعد أن تمتلئ الأجواء بعبارة «الديرة رايحة فيها» وقد حدث أن انتهيت من تعبئة سيارتي بالوقود من محطة العديلية في ربيع جميل قبل سنوات، وتوقفت عند المحصل للدفع ولاحظت أن ورود النوير الصفراء قد انتشرت على هيئة بساط جميل تحت السور الداخلي للمحطة، فقلت للمحصل «ما شاء الله، الورد عندكم أكثر من أي مكان، الساحة كلها صفراء» فقال المحصل وهو يسلمني بقية النقود «يا معود خلها على الله، هذي الكويت، ما فيها شيء عدل» انصرفت وأنا مشدوه ومتعجب، الناس في هذا البلد تبرمجت على التشاؤم».
قال: «يعني تنصح بالتفاؤل وحده؟».
قلت: «ليست نصيحتي ولكنه واجبي وواجبك، ففي كتاب الله العزيز (قالوا لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا، قالوا معذرة الى ربكم ولعلهم يتقون) واذا كان القياس هنا مع الفارق كوننا لا نتحدث عن مقام الإيمان والكفر بقدر ما نستنهض همم الاصلاح حتى لا يدركها اليأس، فإن الأهم هو أن تعذر نفسك أمام الله عز وجل، وهو الحد الأدنى، علما أن الهدف الأسمى هو انجاز المهمة وليس ابراء الذمة فقط».
قال: «سؤال، صار لك سنوات على هذه الطريقة، تعتقد تحقق شيء منها؟».
قلت: «هل تتحمل رجوعي المتكرر الى النصوص الدينية؟ أخاف أن تمل».
قال: « لا، تفضل».
قلت: «لو لم يتحقق شيء على أرض الواقع الا الرضاء الشخصي بالنسبة لي لكفى، ففي الحديث «من رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط» وإن شئت ففي أمثال الأخوة المصريين «اللي يخاف من الذيب يطلع له» و قد رأيت أشخاصا كثيري التبرم و«التحلطم» ولهذا يصبحون ويمسون على ما يكدر خاطرهم، ولا أرغب في أن أعيش هكذا».
قال: «عسى الله يوفقك».
قلت: «جميعا، والسامعين، عفوا، والقراء الكرام».
كلمة أخيرة:
تأثير الأطعمة والمنظفات الكيماوية والكهربية في الملابس، على الحالة النفسية للناس كبير جدا، إما بالإيجاب أو بالسلب.