فيصل الزامل
في كل أزمة تتجه المصارف التجارية الى البنك المركزي للحصول على السيولة، بل حتى بغير أزمة تعتبر المصارف أن البنك المركزي هو المقرض الأخير لها اذا لم تحصل على خطوط تمويل كافية من بنوك زميلة محليا أو خارجيا - في الظروف العادية - هذه الميزة غير متاحة للبنوك والشركات العاملة وفق الشريعة الإسلامية بالنظر الى عدم تطوير البنك المركزي لآليات التمويل الإسلامي المتفقة مع الشريعة - صكوك محملة بالأصول - كما يفعل بنك البحرين المركزي، أكثر من ذلك يتجه البنك المركزي الى السماح للشركات «التجارية» بالاقتراض من المؤسسات الحكومية لمواجهة شح السيولة وذلك في غياب تشريع ينظم اصدار الصكوك أو أي أدوات تمويل أخرى متفقة مع الشريعة كما هو الحال في دول أخرى تعاملت مع هذه المسألة بشكل فعال، هذا الأمر دفع المؤسسات العاملة وفق الشريعة الى التركيز على قوة «الأداء» من أجل زيادة ثقة السوق بقدرتها على الوفاء وبالتالي الحصول على التمويل اللازم، وتنشر الصحف بين الحين والآخر صفقات مليارية تعبئها هذه المؤسسات من السوق ما أدى الى استقطاب أموال من خارج البلاد والمنطقة، وقد لفت نظري نجاح «بيت أبوظبي للاستثمار» - تأسس في 2004 - في الحصول على تمويل لصندوق عقاري ضخم في الصين بـ 16 مليار دولار قبل اسبوعين فقط في نفس الوقت الذي فشل فيه «ليمان براذرز» في الحصول على تمويل بـ 70 مليار دولار لتمويل صندوق عقاري أسسه لشراء ديون الرهن العقاري، رغم أن اجمالي أصول هذه المؤسسة العريقة يصل الى 650 مليار دولار، وقد كان فشلها في الحصول على ذلك التمويل سببا لاعلان افلاسها، وكانت تلك بداية الانهيار الذي تتابع من بنك لآخر وبسرعة رهيبة طوال الأسبوعين الماضيين.
لقد عشنا تجربة مماثلة في منتصف الثمانينيات ابان أزمة المناخ كلفت البلاد 6.5 مليارات دينار لشطب ديون تقابلها أسهم معظمها ليست لها قيمة تشغيلية - الأسبوع الماضي دفعت الحكومة 6 مليارات دينار لدعم السوق المالي والمصرفي ! - الملاحظ أن بعض المصارف قد لجأت الى أسلوب غير مهني من الناحية المصرفية لاستقطاب الودائع من خلال ما تسميه جوائز السحب واسمها العملي هو «تذاكر اليانصيب» كونها تطلب من الأفراد فتح حساب بأقل مبلغ ممكن، 50 دينارا مثلا، للدخول في السحب، وبعضها اتجه الى مباريات كرة القدم لادخال الشباب من مختلف الأعمار في السحب عبر شراء عدة تذاكر لزيادة فرصة الفوز بسيارة، ولا يتم جذب العملاء الى مثل هذه المصارف عبر الخدمات المصرفية ولكن عبر المقامرة، هذا التصرف لا يليق بالصناعة التي تدير أموال المجتمع كمؤسسات وسيطة تتولى تحريك الاقتصاد، وهي تعرف جيدا أن ما يجذب المودعين الحقيقيين من مختلف الأعمار والقدرات هو الثقة بالأداء التشغيلي، ولهذا يعتبر كثير من الناس - حتى في الغرب - أن المؤسسات الأخلاقية هي الأفضل للاطمئنان على سير العمل في المصرف، فليست البلاد الإسلامية وحدها التي تعرف قيمة الالتزام الأخلاقي في تحقيق أكبر درجة من الأمان في ادارة الأموال.
لقد دفع المواطنون في كل دول العالم مليارات لا تحصى لتغطية أخطاء الادارات المصرفية والاستثمارية التي سيطر عليها طمع العمولات نظير تسجيل أرباح صورية، وأنفقت الدول على المصارف مبالغ باهظة (700 مليار في أميركا، 250 في بريطانيا.. الخ)، ومع ذلك أعلن مدير الصندوق الدولي «يوم أمس» أن النظام التقليدي في ادارة العمل المصرفي لم يعد مجديا، الأمر الذي يستدعي وقفة مراجعة وهو أمر تفرضه الأمانة العلمية والمهنية على جميع المختصين، ليس من أجل ايجاد تغيير فوري في النظام ولكن للاتفاق على مصدر الخلل، هل يعقل أن يعود كل شيء الى ما كان عليه بعد سبتمبر2009، حينما بدأ الانهيار؟ ألم يؤد سبتمبر 2001 الى تغيير شامل في النظام الأمني، فلماذا لا يحدث شيء مماثل لتحقيق الأمن الاقتصادي؟!
كلمة أخيرة:
بعض اعلانات الوفيات تضاف اليها أسماء أبناء المتوفى أو المتوفاة ولا تتم الاشارة الى أسماء البنات، ويتم ذكر اسم المرأة فقط عند وفاتها، أين المنطق في هذا؟!