فيصل الزامل
قال: لماذا يعارض بعض الكتاب، وأنت منهم، تأسيس الأحزاب بشكل رسمي بينما هي موجودة عمليا؟
قلت: أعتقد، لثلاثة أسباب:
بعض مؤيدي النظام الحزبي يقارنه دائما بتجارب الدول المتقدمة ويتجاهل أنهم هناك لا يغربلون المنتمين الى الحزب حسب الانتماء المذهبي والديني أو الاثني العرقي، رغم أن لديهم عددا لا يحصى من التصنيفات، في حين نمارس نحن فرزا متزايدا سيجعل لكل قبيلة حزبها، ولكل اجتهاد ديني في المذهب الواحد حزبا لا يدخله شخص آخر من مذهب مخالف.
الموجود لدينا حاليا «تجمعات سياسية» طبيعية تعكس تفاوت الآراء وقد حث الدستور من يتم تكليفه بتشكيل الحكومة على أخذ تلك الآراء في الحسبان.
المغالاة في عمل تلك الجماعات تحتاج الى تصويب وليس تقنينا على طريقة «بيع الخمور يتم بالسر فلماذا لا نقنن ذلك البيع؟!».
قال: القانون سيمنع الممارسات الخاطئة التي تحذرون منها مثل «حظر التكفير أو الاستحواذ على التمثيل الديني».
قلت: القانون العلماني في تركيا لم يمنع من وصول حزب جذوره إسلامية الى السلطة بسبب القدرة على التكيف، وأنت تعلم أن العمل السياسي يحوي قدرات كبيرة على التملص من النصوص، وقد ظهرت لدينا في الكويت حالات غريبة من تكييف النصوص، فتشجير الحدائق - مثلا - شيء جميل تشجع عليه الدولة، وها أنت ترى كيف صار وسيلة للحصول على «حيازات أراض» قلبت المخطط العمراني في المناطق السكنية رأسا على عقب، واليوم هناك من يسعى الى «تقنين» ذلك الانحراف عن التشجير لصالح تثبيت تلك الحيازات، وكأننا لم نتعلم من تجربة الشاليهات التي تسبب تنظيم الحصول عليها بعقود الإيجار في منع بقية المواطنين من الوصول الى البحر فضلا عن عدم افادة غالبية من حققوا تلك «الحيازة» من تلك الشاليهات، وكل الذي حققوه هو رغبة «الحيازة» فقط!
قال: القانون المقترح يحد من استخدام المال في تسيير شؤون تلك الأحزاب؟
قلت: هل تذكر ما حدث في فترة «المناخ» يوم أن اختفت مليارات الدنانير وراء أسماء أخرى، وعجزت عن ملاحقتها هيئات رسمية شغلها الشاغل هو الكشف عن تلك الأموال، عزيزي، أنت تتحدث بشكل نظري لا ينظر الى الواقع، لقد فشل قانون أميركي في منع استخدام الأموال في دعم حملات الانتخابات وهو مجرد حبر على ورق، حسبما يحدث في كل انتخابات، ألا تتابع ما تنشره الصحافة الأميركية؟
قال: إذن، كيف نحقق تداول السلطة بغير وجود الأحزاب؟
قلت: نعم، نحن بحاجة الى تطوير الممارسة الحالية وليس من التطوير أن ننتقل من السيئ الى الأسوأ، بعبارة أخرى لا يوجد ما يحصر رئاسة مجلس الوزراء في أفراد الأسرة الحاكمة كما هو الحال في مسند الإمارة وولاية العهد، وفي الأردن على سبيل المثال - منذ عهد ما قبل قيام الأحزاب عندهم - يتم في كل مرحلة اختيار شخصية لرئاسة الحكومة تتلاءم مع احتياجات الدولة سواء التنموية أو السياسية، ويمكن بذلك الوصول الى هدف تداول السلطة بتكلفة أقل بكثير من قلب حياتنا رأسا على عقب في ظل النظام الحزبي، حيث يفوز فيه «حزب ما» بنسبة غير كافية يحتاج معها الى بناء «ائتلاف حاكم» لتشكيل الحكومة، فيستنزف المال العام والوظائف العامة الرئيسية في الدولة لإرضاء كل فرد وفئة في الأحزاب بغرض تشكيل ذلك «الائتلاف» الذي ينهار بسهولة بمجرد أن ينسحب من الحكومة وزيران أو ثلاثة (لأن البعض عندنا لا يشبع) ويملك قدرة هائلة على تبرير انهيار الائتلاف بشكل مذهل «لقد حدث خرق خطير للدستور» أو أي مبرر آخر، والحقيقة شيء آخر تماما.
قال: هل أنتم راضون عن الوضع الحالي؟
قلت: نحن نؤمن بقاعدة «لا يكن نهيك عن منكر يأتي بأنكر منه »، الوضع الحالي فيه سلبيات كثيرة ولكنها يمكن أن تتحول الى حسنات في ضوء ممارسات الأحزاب التي تعاني منها حاليا اسرائيل حيث فشلوا في تشكيل حكومة ودعوا لانتخابات جديدة وكنت قد نشرت الاسبوع الماضي نبذة عن الفساد المالي في اسرائيل.
كلمة أخيرة:
في الغرب وقف كلينتون وزوجته مع اوباما رغم ما حدث، عندنا تفوز وزيرة التربية بنيل ثقة المجلس بعد استجواب شامل لم يمر عليه عام، ومع ذلك (....) كيف تقارن ديموقراطية كهذه بما يجري في الدول المتقدمة!