Note: English translation is not 100% accurate
أنيس منصور / مصطفى أمين
الأحد
2006/11/5
المصدر : الانباء
نجاح في عملية تلخيص الموضوع
حدث خطأ، الرجاء اعادة المحاولة
لا يوجد نتائج في عملية تلخيص الموضوع
بقلم : فيصل الزامل
فيصل الزامل
كتب انيس منصور الاسبوع الماضي «الحياة ليس لها معنى، بل حياة البشرية كلها ليس لها معنى، من اولها لآخرها، انها لا تساوي شيئا، وقد تساوي شيئاً ولكننا لا نعرفه» انتهى.
وهكذا تنتهي المسيرة بهذا الكاتب الى حيث انتهت مسيرة توفيق الحكيم من قبله، والذي اعتبر حياته كلها تفاهة كبيرة، وامثال هؤلاء يستحقون الرثاء، فهم سحبوا خلفهم جيلا، وربما اجيالا، ركضت وراءهم في كل واد. كتابات وتحليلات، شغلوا الناس بها، ثم يعلنون قبل رحيلهم مثل هذا الاعلان البائس.
حياتهم كلها تعظيم في ذات خاوية، فقد كتب ـ مثلا ـ انيس منصور «في صالون العقاد» وكما وصفه النقاد «جعل انيس منصور يلتقط لنفسه الصور من كل الزوايا داخل مملكة العقاد، ويتصور معه عبر صفحات كتابه فهو يتحدث عن نفسه، لا عن صالون العقاد».
هذه الذات هي التي انشغل بها انيس منصور عن العدوان الاسرائيلي على لبنان، في الصيف الماضي.
بلد يدمر وارواح تزهق، وهو يكتب كل صباح، دون ان يكلف نفسه بكتابة سطر واحد يؤازر فيه شعباً عربياً يذبح من الوريد الى الوريد، وقد كنت اضرب كفاً بكف قائلا: «ألهذه الدرجة هانت عنده ارواح الناس؟».
كان فعلا في عالم ثان تماماً، عالم «الأنا».
واليوم يكرر لنا هلاوس الفلاسفة الضائعين واذكر انني سمعت د. عيسى عبده يقول: «كنت امشي في الجامعة، فاقترب مني طالب وسألني قائلا: انا يا دكتور قررت انتحر خلاص.
فقلت له: وهو انا عزرائيل؟ عندك كوبري الجامعة والبرج، او شوف لك تروماي ونط قدامه.
فقال الطالب: مش قصدي، بس انت انسان بتاع ربنا، عايز اعرف اروح الجنة ولاّ النار؟ فقلت: لا طبعا، النار طوالي، اسمع يا ابني لو ما كنتش مستعجل قوي، خذ عنواني، وتعال بكرة بعد صلاة الجمعة.
ولما جاء، كان الشيخ ابو زهرة موجوداً، وتبين من الحديث ان الطالب يدرس الفلسفة التي ادخلته في عوالم من الشك والغموض، لم يخرج منها الا بصعوبة، فأنجاه الله من المصير الذي كان يسير اليه».
وقد برر د. عيسى كلامه للطالب في اول الامر: «لو كنت قلت له من الاول «لا»، كان سيصر على رأيه، لهذا اتبعت معه اسلوبا آخر لم يتوقعه، والحمدلله، اثمر».
مثال آخر، الكاتب القدير مصطفى امين كانت كتاباته تفيض بالامل، وشحذ الهمم، وتكريس طاقة المرء لاسعاد الآخرين، وتخفيف معاناة الناس، حتى انشأ لنفسه مشروع «ليلة القدر» الخيري عبر عموده اليومي.
امثال هؤلاء كثيرون في العالم، مسلمين وغير مسلمين، ممن يرسمون الابتسامة على الشفاه ويخففون من معاناة البشر، ويجدون من وراء ذلك معنى كبيرا للحياة، التي تمتد خارج دائرة عمرك، وبيتك، لتدخل بيوتاً كثيرة فتنتشر فيها البهجة، وربما امتدت سنوات حياتك، الى ما بعد حياتك، بأعمال ذات اثر، طبي او علمي او هندسي او ادبي او... الخ.
هذا هو معنى الحياة يا أ. أنيس، فان شئت ان تجمع ذلك الى المعنى الديني فانك تبنى من حياة سريعة الفناء، لأجل حياة الأبد، وان شئت ان تحصرها بحياة واحدة يسعد بك ـ خلالها ـ من حولك، فانك تعيش بهجة لا يعرفها من يعيش لذاته وشخصه، فيكره ذلك الشخص في لحظة كالتي تعيشها الآن، ومئات غيرك كرهوا انفسهم التي سجنتهم في «الأنا» وكانت الحرية عندهم هي في الانتحار، وبئس المصير.
ختاماً، اكتب لك هذه الملاحظة لانني قرأت لك كثيراً، منذ سنوات بعيدة، ويحزنني ان تكون نهايتك هكذا فالأمور بخواتيمها.
كلمة أخيرة:
قال محمد القرضي لعمر بن عبدالعزيز: «يا أمير المؤمنين انما الدنيا سوق من الاسواق، خرج الناس منها على صنفين صنف خرج من السوق بما ينفعه، وصنف خرج بما يضره، ومن غرته دنياه خرج منها ملوماً من الناس، ليست معه عدة لما ينتظره».
اقرأ أيضاً