فيصل الزامل
قد تلجأ الحكومة اليوم الى خيار مواجهة الاستجواب من خلال قيام أحد الإخوة الوزراء بالرد على محاوره، وهذا خيار مرحلي في رأيي، لكنه ممكن، كون أي شخص آخر غير الوزير ـ أو رئيس الوزراء ـ المستجوب يكون أقل انفعالا وأكثر قدرة على الرد، بالنظر الى التجارب السابقة الكثيرة التي راهن فيها معظم النواب على استفزاز الوزير المستجوب ولم يوفر بعضهم الجانب الشخصي مثل «انت لما كنت موظف كان عليك كذا وكذا ملاحظة»، وهي طريقة تخرج أي شخص عن اتزانه، خاصة اذا مورست بشكل متناوب بين أكثر من نائب مثلما يحدث في حلبات المصارعة الرباعية (...) المهم أن تصدي شخص آخر يقلل من هذا الجانب ويمنح المتحدث فرصة للكلام الهادئ والموضوعي مهما حاول النواب اخراجه عن هدوئه كونه لا يتحدث عن نفسه، انما عن محاور استجواب.
أما لماذا قلت «..وهذا خيار مرحلي» فلأننا جميعا نعرف أن كتلا أخرى تنتظر على أحر من الجمر انتهاء التيار الديني لتدخل هي الساحة بملفات أخرى أكثر جدلية، فقد تأسست أعراف سيئة في وارد العمل السياسي، وربما أكرر هنا ما سمعته من نائب شارك مع وفد نيابي في زيارة الجمعية الوطنية الفرنسية، عندما سئل «ماذا لديكم هذه الأيام في الكويت؟» يقول «أخبرتهم أننا فعلنا كذا وأوقفنا كذا.. الخ» فقال النائب الفرنسي «نحن نختلف عنكم في الأسلوب، ففي بداية الفصل التشريعي نناقش برنامج الحكومة، نعدله أو نرفضه أو نقره، ثم نناقش الموازنة، واذا تم اعتمادها فإن الحكومة تمارس عملها وفق البرنامج والميزانية وتتم محاسبتها عند خروجها على تلك البرامج، وتتم المحاسبة في نهاية العام ما لم يكن هناك شيء طارئ» انتهى، هذا الأسلوب هو ما يقول به العقل السليم، وهو يختلف عما يفعله بعضنا في اقرار قانون ثم الانقلاب عليه حتى قبل بدء تطبيقه، دعك من اقرار برنامج الدولة أو موازناتها.
لقد تم افساد الذوق العام ـ بين الناس ـ في مسألة الممارسة النيابية، بعض المواطنين لا يهتم بالنائب المثابر الذي يقوم بأداء واجبه بعيدا عن الأضواء وبصمت، فيردد بعضنا «فلان ما له حس» رغم أنه أكثر عطاء من نائب يتجاهل حضور اجتماعات لجان فعل كل شيء كي يدخل في عضويتها، البعض الآخر يطرح استفسارات على مسامع الجهة المختصة داخل اللجنة، وهو لا يريد الاستماع الى اجابتها كونه قد اتخذ موقفا قبل بدء النقاش حسب الانطباع ـ أو المنفعة ـ لهذا يخرج من الاجتماع تاركا الفنيين يتحدثون في الهواء!
نعم، نحن أمام خلل جوهري ليس في البرلمان فقط، بل حتى في المجلس البلدي، ولا أدل على ذلك من تصريح الرئيس الحالي للمجلس البلدي، وأكثر من رئيس سبقه باستهجان اسلوب العمل في عدة مجالس، الأمر الذي يؤكد أن المشكلة تتجاوز الأشخاص، وقد استمعت الى مواطن أقدره ينتقد الأداء الحالي في البرلمان، قلت له «مع كل الاحترام، لو كنت أنا واياك عضوين في البرلمان ـ بآلياته وأعرافه الحالية ـ فسنقع في المحظور نفسه الذي ننتقده، لابد من اصلاح جوهري لانقاذ الحياة النيابية من مسار صار الجميع يسمونه التكفير بالديموقراطية».
كلمة أخيرة:
عتب سعد بن أبي وقاص على عمر رضي الله عنهما في أمر، استرضاه عمر ولكن سعدا قال «لقد حلفت لاضربنك بالرداء على رأسك»
فخفض له عمر رأسه وقال «بر بيمينك يا أبا إسحاق، وليرفق الشيخ بالشيخ».