فيصل الزامل
لكل نظام حكم نكهة، في الكويت تقوم النكهة على محاولة «ارضاء كل الناس» وفي دول أخرى قامت على «اخضاع» كل الناس وثالثة قامت على اشراكهم في عملية بناء الدولة، وبالنسبة لنا فقد أوصلتنا تلك الطريقة «الأولى» الى عدم رضاء معظم الناس أو حتى كلهم، فقد بذل الحكم قصارى جهده لإشباع طلبات بضعة أشخاص استخدموا الصراخ وسيلة فتحولوا من قلة تفتعل السخط الى فريق كبير بعد أن شجع نجاح تلك القلة آخرين على أن يحذوا حذوهم، فالمعاملات المستحيلة تتحول الى يسيرة اذا قدمها «المصارخ»، فلماذا لا يتحول الجميع الى هذه الممارسة السوقية؟! نعم، الدولة هي التي صنعت تلك السلوكيات التي يصدق أصحابها أنهم «معارضة» في حين ينطبق هذا الوصف على من يختلف مع السلطة في أسلوب الإدارة ويطرح بديلا عنه، وليس هذا حال تلك المجموعة التي ترفض المشاركة في أي تشكيل حكومي كونها لا تملك القدرة على تقديم شيء مفيد لإدارة مرافق الدولة، اضافة الى أنها تستمتع بامتيازات لامحدودة من موقعها هذا، وبالطبع لا ترغب في فقدان تلك الامتيازات والتحول الى موقع حارس مرمى الدولة!
نعم، لكل نظام حكم نكهة خاصة، ونحن قد قررنا أن تكون التنمية في المقام الثاني والرفاه في المقام الأول، وقررنا ألا يمر قادة المستقبل على وزارات التنمية وأن يكتفوا بما يسمى وزارات السيادة الأمر الذي أفقد برامج التنمية الروح اللازمة لانطلاقها بكل قوة وحيوية كون الأولوية هي لما يسمى خطأ «الممارسة السياسية»، الأمر الذي أدى الى مسلسل تراجعات نجمت عن فقدان المبادرة في التنمية وطرح المشاريع المهمة الواحد تلو الآخر، هذا الأمر تكررت ممارسته في الصفين الثاني والثالث فالكل يلعب (...) سياسة، والقلة النادرة هي التي تعمل بشكل مهني وفني لتدير «فريقا اقتصاديا» أو طبيا أو هندسيا، وبالرغم من قلتها فإنها تتلقى كل الهجمات ولا تتمتع بأي قدر من الحماية، على الإطلاق تحت وهم أن ترك هؤلاء يتساقطون يعني منح صك الحماية لمن هم في الصف الأول، وها هي الأيام تثبت المقولة الأزلية «أكلت يوم أكل الثور الأبيض».
جاء في الأخبار أن الخليفة سليمان بن عبدالملك كان يحب الطعام، فكانت بيوت دمشق في زمانه تتنافس في تحسين الأكلات وتطييبها، وكان هشام بن عبد الملك محبا للعمارة ولهذا كان الناس في عهده يزينون البيوت والأسواق بأحسن ما بلغه البناؤون من فن واتقان، وفي عهد عمر بن عبدالعزيز كنت تسمع البكاء في الثلث الأخير من الليل من وراء الجدر في منازل دمشق من كثرة قيام الليل.
كلمة أخيرة:
اتبع عمر ( رضي الله عنه ) أسلوب الإدارة الميدانية، كان يقول: «لئن عشت ان شاء الله لأسيرن في الرعية حولا فإني أعلم أن للناس حوائج تقطع دوني، أما عمالهم فلا يرفعونها الي، وأما هم فلا يصلون الي، فأسير الى الشام فأقيم بها شهرين ثم أسير الى الجزيرة فأقيم بها شهرين، ثم أسير الى مصر فأقيم بها شهرين، ثم أسير الى البحرين – المنطقة الشرقية – فأقيم بها شهرين...».