فيصل الزامل
تجربة هذا الأسبوع مفيدة للتأمل في النظام الحزبي الذي يرى البعض أنه يحقق استقرارا للحكم في وارد كيفية تقديم الاستجواب وموقف مجموعة التيار الديني بمختلف اجتهاداته منه، وقرأنا تصريحا حول سحب وزير من هذا التيار من التشكيل الوزاري على خلفية هذا الموضوع، ومثل ذلك يقال عن استقالة أحد أعضاء التجمع الوطني منه أيضا بسبب خلاف حول تصريح صحافي من أحدهم، هذه تمرينات ميدانية تشبه الاقتحام «الوهمي» الذي يجرونه هذه الأيام لاختبار نقاط القوة والضعف في مكافحة الحريق أو الكوارث وبالتأكيد هي أقل تكلفة من دخول تلك التجارب بغير مثل هذه التمرينات، وقد ساقت إلينا تجربة هذا الأسبوع نتائج مفيدة لا يمكن معها الجزم بأن تشكيلة وزارية تقوم على النظام الحزبي بعيدة عن الانقسام وتباين الآراء، والسبب هو أن منسوب الالتزام بالرأي الآخر في ثقافتنا الشرقية داخل الحزب ضعيف جدا،هذا اذا اقتصر الكلام على البواعث الفكرية والاجتهادات، ولم يمتد الى الخلاف حول «بكم أقول؟»!
أيضا أظهرت تجربة هذا الأسبوع أنه لا يوجد تصور مستقر عند الدخول في مواجهة سياسية، فقد كان عنوان أزمة هذا الأسبوع هو موضوع «الفالي» ثم «أداء الحكومة» ثم «استمرار رئيس الحكومة من عدمه» ثم عودة الى «رئيس حكومة شعبي قد يفتح الباب لصراعات غير محسوبة، وخلونا عليه أحسن»، اذن نحن نسير على خطى الرئيس بوش – مع فارق التشبيه - الذي عرف ماذا يريد من دخوله الحرب في العراق ولكنه لم يعرف ماذا يريد أن يفعل بعد انتهاء تلك الحرب فيما سمته الصحافة الأميركية «الاستعداد لليوم التالي» الذي أدخل أميركا في مستنقع لا تدري عمقه ولا كيفية الخروج منه، عندنا، هناك تذمر في كل الاتجاهات، من أداء الحكومة وأداء النواب على حد سواء، ولا يملك المتذمرون تصورا متكاملا حول المخرج الآمن الذي لا يوصل البلاد الى ما هو أسوأ، وبالنسبة للتيار الديني فهو الأكثر غرابة، كونه لا يستخدم القواعد الشرعية في العمل السياسي لتحقيق مرجعية تتصف بالثبات، فالدستور بحاجة الى نفوس تحمي النصوص، وهو ما تغذيه شريعة ثرية، دعك ممن يعاني من «فوبيا إسلام سياسي» فالعيب هو في الممارسة، لا في تلك النصوص الشريفة.
أيضا أكدت تجربة هذا الأسبوع ما هو معروف من أن البلاد تتمتع بقيادة حكيمة ممثلة بصاحب السمو الأمير، حفظه الله، من موقعه كرئيس للسلطات الثلاث لا يأخذ موقفا مسبقا من أي منها، يراقب ويوجه من حين لآخر، عل وعسى أن يستفيد المعني بتلك التوجيهات، كما يلزم أيضا تقدير الدور البارز لرئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي في تعاطيه مع الأزمة على النحو المعروف عنه في تجارب سابقة، وبخلاف ما روج له البعض ممن دفعنا أصلا الى هذه الأزمة، وليس سرا أن إفساد المباراة يكون هدفا لمن لم تعجبه النتيجة – وهو ما فوته عليهم الخرافي بمهارة – وقد رأينا ما حدث هذا الأسبوع بين ناديي الكويت والقادسية،حيث ألغيت المباراة في الدقائق الأخيرة، وكانت نتيجتها 2/1، يا للمفارقة !
كلمة أخيرة:
كان في المدينة رجل يثير الفتنة – بغير تفاصيل – أقام عليه عمر ( رضي الله عنه ) الحد ومرت الأعوام، وكان هو في الكوفة عندما دعي للمشاركة في جدال الفتنة التي سبقت معركة الجمل، فرفض الدخول في الفتنة قائلا: «أدبني الرجل الصالح».