فيصل الزامل
كتب الزميل داود الشريان في جريدة الحياة: «وصل الحال بجامعة الدول العربية حد التشابك بالأيدي بين بعض المندوبين، ثم أخيرا اشتعال سجال حاد بين وزير الخارجية المصري ونظيره السوري ما يجعلها تقترب من الانهيار ككيان سياسي، وها هي تتدخل في قضايا الحكم فتسمي رئيسا وتزكي حكومة ما وتفرضها على الناس بإعلانها الوقوف مع السيد محمود عباس لتمديد رئاسته للسلطة الفلسطينية رغم أن التمديد للرؤساء أو عزلهم ليس من صلاحياتها ولا اختصاصها، ناهيك أن الجامعة العربية قد وقفت تتفرج على أحداث موريتانيا، وتقول إنها تتعامل مع القضية الفلسطينية «وفق الشرعية الدولية» التي من أهم انجازاتها تجويع الشعب الفلسطيني والسكوت عن جرائم الجيش الإسرائيلي، علما بأن بقاء السيد محمود عباس وحكومته أمر تقرره صناديق الاقتراع.
لقد دعت الجامعة الشعب الفلسطيني الى الحوار ثم انحازت الى طرف منه لتفرض على الفرقاء آراءها متجاهلة أنها في هذه المرة تتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية اندلاع صراع شرس و طويل بين الفصائل الفلسطينية» انتهى.
لقد بلغ استياء الشعوب العربية من حصار غزة وتجويع أهلها حدا ينذر بانفجار وشيك، وفيما يتعلق بنا في الكويت فإنني أستذكر هنا ما حدث بعد الحرب العالمية الثانية حينما عانت ألمانيا من مجاعة رهيبة في الأعوام 1946 - 1948 ما دفع الولايات المتحدة الى طرح مشروع مارشال لإعادة إعمار المانيا وارسال معونات غذائية الى الشعب الألماني رغم ما أصاب الحلفاء من المانيا النازية، الأمر الذي يدعونا الى أخذ العبرة مع الفارق لصالح قيم سامية نؤمن بها جميعا، بل وطبقناها مع دول كثيرة كنا نسميها دول الضد ومن المعيب على جميع الشعوب العربية أن تدرك الغيرة والغضب شعوب أجنبية تأتي من أقصى الأرض لتكسر ذلك الحصار وتفضح الممارسات الإسرائيلية الوحشية بينما نكتفي نحن بالتفرج، بل ونزيد الطين بلة على طريقة الأمين العام للجامعة في التعامل باستعلاء ونرجسية تنقصه حكمة «عصمت عبد المجيد» ودهاء «بطرس غالي» وآخرين غيرهم في مجلس التعاون، هذا الأمر تدفع غاليا ثمنه الدول العربية وشعوبها، الأمر الذي يتطلب وقفة حاسمة مع وجود هذا الشخص المدمر في مثل هذا الموقع الحساس الذي تسبب في دفع حاكم العراق السابق الى المزيد من الجنون برفضه دعم مبادرة الشيخ زايد يرحمه الله، ما يجعله مسؤولا بشكل مباشر عن المعاناة الحالية للعراقيين.
لقد نجحت دول مجلس التعاون في تحديد دور الأمين العام للمجلس، وجعلت هذا المنصب متنقلا بين أكثر من دولة ولا تتجاوز أهميته أي موقع إداري تنسيقي بين الدول الأعضاء، في حين انفلت زمام منصب أمين عام الجامعة على يد السيد عمرو موسى، وإذا جاز لنا انتقاد مسؤولين أميركان مثل «دونالد رامسفيلد» الذي أفقد أميركا حلفاء كثيرين، فإن من حقنا أن نقول الشيء نفسه عن الأمين العام الحالي، فالشعوب أهم بكثير من الأشخاص.
كلمة أخيرة:
اشتكى رجل من أهل مكة أن أبي سفيان بنى سدا يحول بين مياه السيل من أن تبلغ مزرعته، قال له عمر ( رضي الله عنه ) «اذا جئت الى الحج بعد شهر، وافني» فلما وقف بين المزرعتين أمر أبا سفيان أن يحمل حجرا ويضعه في مكان آخر فلما أبى ضربه بالدرة قائلا: «و الله لتفعلن، انك ما علمت قديم الظلم» ففعل، ومازال به حتى قسم الماء بينهما، ثم التفت الى القبلة ورفع يديه قائلا: «الحمدلله الذي أخضع بالإسلام أبا سفيان لابن الخطاب في بطحاء مكة» وأيضا التفت أبو سفيان الى القبلة ورفع يديه قائلا «الحمدلله الذي لم يمتني حتى وضع في قلبي من الإيمان ما أذل به لعمر».