فيصل الزامل
المتابع لأداء كثير من شركات الاستثمار الكويتية في السنوات العشر الماضية يلاحظ اتجاهها نحو الاستثمار المباشر في المنطقة العربية ومنطقة الخليج وفي الكويت، وهي بذلك تختلف كثيرا عن معظم بنوك الاستثمار الغربية التي ركزت نشاطاتها في عمليات سوق المال التي كلما جاء ممثلوها الى دول الخليج لجمع المال وطلب منهم بعض المستثمرين توظيفه محليا كان الجواب هو الرفض بحجة ان الاسواق صغيرة الحجم وغير منظمة بما فيه الكفاية، وهي حجة لتبرير عدم رغبتهم في بذل جهد حقيقي لتدوير المال في موطنه، هذا الامر قام به العديد من شركات الاستثمار الكويتية والخليجية ونالت بسببه معاملة خاصة من حكومات المنطقة التي أسعدها قيام تلك الشركات بتطوير مشاريع عمرانية ـ تشهد لها معارض العقار الكثيرة ـ وشركات خدمات لوجستية وفي الاتصالات والمواصلات الجوية ـ تمويل طائرات، تشغيل خطوط طيران، خدمات أرضية ـ ومثل ذلك يقال في الخدمات التعليمية حينما قامت جامعات اهلية متحالفة مع أرقى الجامعات في الدول المتقدمة.
الفارق بين شركات الاستثمار في بلادنا وتلك الغربية يتطلب تصحيح النظرة لهذه الشركات كونها لا تعتمد على قاعدة مودعين لتمويل مشاريع متوسطة وطويلة الاجل، في حين ينظر اليها البعض على انها كالبنوك التجارية من جهة الالتزام بالدفع الفوري للمودعين، وهو أمر غير دقيق، فالمستثمر هنا هو طويل الاجل ولهذا فهو يحصل على عوائد اعلى من الودائع المصرفية، الامر الذي يجعل المطالبة بالدفع الفوري مخالفة لأساس العلاقة التعاقدية، وهو أمر حدث مؤخرا بطريقة انعكست حتى على البنوك الممولة لتلك الشركات التي نظرت الى الامر على انه تخلف عن سداد الالتزامات، وبالتالي التدافع نحو تلك الشركات واعتبارها متعثرة، ومن ثم التسابق على الاستيلاء على اصولها الجيدة وانتهاز هذه الفرصة بشكل رخيص جدا، ومن المعروف انه لا توجد مؤسسة مالية ـ حتى البنوك التجارية ـ تستطيع مواجهة التدافع، ناهيك عن شركات استثمار طويلة الاجل تملك مشاريع عقارية وشركات تابعة تمارس انشطة في الوقت الذي تمنع البنوك التجارية من ممارسة الانشطة المباشرة وتكتفي بالاقراض والمطالبة بالسداد دون دور حقيقي تجاه اي مشروع من اي نوع كان.
ان حشر جميع الشركات الاستثمارية في خانة العجز دون النظر الى موجودات كل منها وأدائه، يعني اختفاء قوة اقتصادية ضاربة استغرق بناؤها ردحا من الزمن ويعمل فيها الآلاف من المواطنين، نقول ذلك ابراء للذمة، فنحن لا نتوقع من الجهات المختصة معالجة اقتصادية سليمة في ظل الاجواء المعروفة التي تستهل توجيه الاموال باتجاه واحد ولا تهتم بالصرف المرتجع، ومن العبث أن تلجأ الحكومة الى تبني برنامج الجسر المالي لتلك الشركات ذات الملاءة والاداء الجيد، فهذه امور لا يكترث بها البعض، لهذا سنضيف كارثة تلك الشركات الى سجل الاخفاقات الاقتصادية الحافل، ولا حول ولا قوة الا بالله.
كلمة أخيرة:
قال عمر ( رضي الله عنه ): «من خلصت نيته ولو على نفسه، كفاه الله ما بينه وبين الناس».