فيصل الزامل
الأخ المحامي البارع والإعلامي الماهر خالد العبد الجليل يقدم معلومات قانونية نافعة عبر الأثير، قال ذات مرة: «بعض السيدات إذا دخلن إلى المحكمة في قضية وعرفن طريق المحاكم يصبن بالإدمان على المحاكم، بس يصير أي خلاف أسري تجبع عباتها – تلبسها - وتطير للمحكمة»، أعتقد أن هذا الوصف ينطبق على الحالة السياسية في الكويت، ففي كل شهر عندنا قضية خلافية رئيسية ولكل أسبوع عشر قضايا أخرى فرعية، أيضا خلافية، وصار تعبير «كل الخيارات مفتوحة» مكررا بشكل ساخر وكأننا على جبهة قتال، هذا شيء ممل والناس بالفعل تعبت جدا جدا، وموضوع استجواب رئيس الوزراء هو الموضة الجديدة لأنه – هداه الله – شجع الناس على هذا الدرب عندما ظن أن التراجع عن موافقات صحيحة قانونيا وماليا (طائرات الكويتية – المصفاة – البتروكيماويات) سيبعد المضايقات، الذي حدث هو العكس تماما، ولو أنه قبل مبدأ الاستجواب، ثم تولى وزير مثل الأخ فيصل الحجي صعود المنصة نيابة عنه – وهناك سابقة – لما تكلفت البلاد كل هذه الخسائر التي لن تتوقف حتى تحدث مواجهة نظامية على طريقة «اشعندك يا فلان؟ تكلم؟» خاصة أن قدرة الوزير على التعبير في موضوع يخص غيره تكون أضعاف قدرته عندما يكون هو المعني «مباشرة» بمحاور الاستجواب، وكما هو معروف فإن التأثير النفسي هو الركيزة التي يعتمد عليها بعض المستجوبين، وأما الحقائق فهي آخر ما يهتمون به.
نعم، لابد من فتح هذا الدمل، وإلا فإن سائر مشاريع الدولة - بلا استثناء – ستبقى مجمدة، والجميع يعرف أن التشكيل الوزاري الجديد لن يتجاوز عمره السنة الواحدة وفق المؤشرات المرئية في الساحة، ما لم يقرر سمو رئيس الوزراء الاستدارة ومواجهة ملاحقيه بشكل مباشر، ومقارعة الحجة وبالبيان الشافي، ثم يقرر المجلس ما يراه مناسبا.
نحن بحاجة الى إعادة التوازن الى الممارسة السياسية التي اختطف فيها بعض النواب صلاحيات السلطة التنفيذية، ومن شأن استجواب رئيس الوزراء أن يتيح فرصة تاريخية لمناقشة هذا الانحراف من خلال ردوده على قضايا، لابد أن تشتمل واحدة منها أو أكثر على شبهة «تعدي سلطة على صلاحيات سلطة أخرى» بالمخالفة للمادة 50 من الدستور، ومن الواجب رفض تنازل أيٍّ من السلطات عن اختصاصاتها، وتصحيح مسلسل التراجع الذي أفقد الجهاز الإداري في الدولة القدرة على الحركة، واقتصر عمل كثير منهم على إرضاء بعض النواب ممن برع في تغليف مطالباته الخاصة بالمسائل العامة، وهذه الحقيقة لم يعد أيٌّ من المتابعين يجهلها.
كلمة أخيرة:
قال عمر ( رضي الله عنه ) «أيها الناس اسمعوا وأطيعوا» فناداه رجل من الأعراب قائلا: «لا سمع لك ولا طاعة حتى تخبرنا من أين جئت بثوب يكفيك وأنت رجل جسيم، لا يكفيك ما قسمته بيننا من أثواب؟» فقال عمر: «يا عبدالله بن عمر، أجب الرجل» فقال ابنه عبدالله «لقد أعطيت أبي نصيبي من الأثواب التي قسمت حتى يكفيه»، فقال الرجل: «الآن قل يا أمير المؤمنين نسمع، ومر، نُطِعْ».