فيصل الزامل
حسنا فعلت الأخت المحامية فوزية سالم الصباح عندما تقدمت ببلاغ الى النائب العام تطالب فيه بالكشف عن السبب الحقيقي لإلغاء اتفاقية الشراكة بين شركة الصناعات البتروكيماوية وشركة «داو كيميكال»، استنادا الى المادة 17 من الدستور التي تشرك المواطنين في تحمل مسؤولية المحافظة على المال العام، وجاء في بلاغ الأخت المحامية الكريمة:
«إن كانت الاتفاقية غير مجدية اقتصاديا وتنطوي على خسائر مالية فادحة ومخالفات قانونية واقتصادية فإنه يجب محاسبة المسؤولين الذين أشاروا بعكس ذلك، وإن كانت الحكومة قد ألغت الاتفاقية رغم جدواها الاقتصادية تحت ضغط بعض النواب فهذا كذلك يشكل مخالفة جسيمة لقانون حماية المال العام لأنه يمثل تضحية بصفقة ناجحة ومجدية اقتصاديا من أجل تجنب مساءلة سياسية، ومن ثم فقد بات من الضروري على النيابة العامة التحقيق في هذا البلاغ لمعرفة إن كان هناك مال قد تم صرفه أو سيتم هدره، ومن المتسبب الرئيسي في هذه الخسارة الفادحة» انتهى.
أتمنى أن يقف المواطن الكويتي على «الحقيقة» التي نجح أسلوب التهييج الاعلامي في تهميشها، فقد تزايد في الآونة الأخيرة حجم خسائر المال العام بسبب هذه الممارسات والأجواء العبثية التي ينجو معها المتسبب من العقاب، فقد ترتب على الغاء صفقة «الخطوط الكويتية» خسائر بلغت 2.1 مليار دولار ومعها تهديد سلامة المواطنين بغير محاسبة للمتسبب، واليوم نواجه خسائر أخرى تترتب على إلغاء اتفاقية البتروكيماويات، أيضا بغير أن يرف جفن للمتسبب الذي ينجح كل مرة في تسجيل القضية ضد مجهول يسميه «الحصانة»!
بالأمس قرأت خبر تجديد المملكة العربية السعودية اتفاقية شراكتها مع شركة شيفرون الممتدة منذ 75 عاما بغير تلك الاثارة التي تعصف بنا، وقد كلفت المملكة الشركة المذكورة بإدارة حصتها من نفط المنطقة المقسومة مع الكويت، والبالغة 50% لتمثلها شركة شيفرون في ادارة أربعة حقول (الوفرة ـ جنوب أم قدير ـ جنوب الفوارس ـ حما) مستفيدة من خبرتها الضخمة على مستوى العالم وفي شتى المجالات (التنقيب ـ الانتاج ـ نقل النفط والغاز الطبيعي ـ التكرير ـ التسويق ـ توزيع الوقود ـ تصنيع المشتقات النفطية ـ توليد الكهرباء ـ انتاج أنواع الطاقة الجيوحرارية)، وهذه الشراكة على مر عقود من الزمن انعكست على رفع نسبة العاملين في شركة آرامكو من المواطنين السعوديين الى 92% يديرون سائر المرافق الحساسة، كما نجحت شركة سابك منذ تأسيسها في 1976 في الوصول الى رقم مبيعات بلغ 33 مليار دولار عبر عدة خطوات جريئة منها شراء شركة b a s f الهولندية المصنعة للكيماويات بمبلغ 2.2 مليار دولار، وأتبعت ذلك بشراء حصة بريطانيا في الشركة الأميركية هنتسمان كورب بمبلغ 700 مليون دولار، ثم اشترت شركة متفرعة عن «جنرال الكتريك» بقيمة 11 مليار دولار، وهي متخصصة في انتاج مواد بلاستيكية تدخل في صناعة السيارات والطائرات، وقد أدت هذه الصفقة الى توسيع فرص الافادة من انتاج المملكة النفطي بتصنيعها البولي ايثيلين المعقد، والأوكتين السداسي، وهذه التحركات ذكية جدا بالنظر الى المساهمين الراغبين في البيع بسبب فقدانهم الميزة الاستراتيجية المتوافرة لدى السعودية في تكامل حلقات لديها كمنتج ومصنع، ما أوصلها الى معدل مبيعات 33 مليار دولار من وراء صناعة البتروكيماويات، فقط.
كلمة أخيرة:
بدأ عمر ( رضي الله عنه ) الخطبة، ثم تذكر أنه على غير وضوء، فقال «أيها الناس اني قد ميّلت ـ ترددت ـ بين أن أخافكم في الله، وبين أن أخاف الله فيكم، فكان أن أخاف الله فيكم أحب الي، وهأنذا أنزل لأتوضأ».