فيصل الزامل
هذا الحوار لابد أنه قد دار بين مفكرين في أميركا، من الخلفية الصهيونية - وليست اليهودية فقط - لنستمع إليه:
الأول: هذا التواجد الفعال للعرب والمسلمين في الطبقة المتعلمة الأميركية لا يشابه تواجدهم في أوروبا كعمال مهاجرين، انهم هنا أطباء بارزون ومحامون وإعلاميون مهرة، أميركا تختلف عن أوروبا، سيصلون بسرعة الى مركز القرار، أتفهم ماذا يعني ذلك؟
الثاني: بالطبع أفهم، لقد نجحوا في اقامة مؤسسات لكل نشاط في أميركا، في التعليم والقانون والاقتصاد وحتى مجال اللوبي السياسي في واشنطن صاروا يزاحموننا فيه، نراهم في حفلات جمع الأموال لمرشحي الكونغرس، وهناك أكثر من عضو يعتبرهم السبب في نجاحه، ما العمل؟
الأول: من الحماقة أن ننتظر حتى يصلوا الى البيت الأبيض، إما مباشرة أو عبر حليف لهم فهذا يعني زوال اسرائيل دون أدنى شك.
الثاني: اذن ماذا نفعل؟
هذه المحادثة لابد أن تكون قد دارت، ولا يحتاج الأمر الى جهاز تنصت بقدر ما يتطلب «شوية» تفكير و«ضع نفسك مكانهم وستفهم لماذا عليهم أن يقلقوا» فإذا أضفت الى ذلك نجاح اللوبي الصهيوني في تذويب الجليد بين الديانتين المسيحية واليهودية فيما يتعلق بمسؤولية اليهود عن قتل المسيح واستصدار صك براءة بعد ألفي سنة من العداء، بل إقناعهم للبعض هناك بأن الكتاب المقدس هو امتداد للعهد التوراتي القديم، وعليه فهناك قاسم مشترك يجعل المسيحي شريكا في تحقيق الوعد التوراتي بأرض فلسطين، بعد هذا الترتيب الذهني يأتي دور الترتيب النفسي على أرض الواقع، بما يجعل عملية 11 سبتمبر مناسبة تماما لإبعاد العرب والمسلمين عن مراكز التأثير في الولايات المتحدة لسنوات طوال، وإذا كانت استبيانات الرأي - في ألمانيا - تشير الى أن 67% من الألمان يعتقدون أن أطرافا أخرى كانت وراء تفجيرات نيويورك وواشنطن عام 2001، ومثل ذلك يقال في الشارع الفرنسي بل صدرت كتب لمثقفين فرنسيين يسخرون من الرواية الأميركية، فإن من حقنا أيضا أن نفكر في الاتجاه الصحيح، فالأمر ليس هزلا بالنظر الى عدد الحروب التي ترتبت على تلك الرواية السينمائية التي تنقسم الى جزأين، الأول، يتمثل في اقناع مجموعة من الشباب المسلم باختطاف أربع طائرات من أجل المطالبة بإطلاق سراح الشيخ عمر عبدالرحمن المعتقل في أميركا وأسرى في فلسطين...الخ، الثاني، يبدأ بعد نجاح معركة السيطرة على طاقم الطائرة تحت سمع وبصر الركاب الذين نقلوا لأهاليهم عبر الهواتف النقالة ما جرى، ثم يفقد الطيار ومساعدوه السيطرة الإلكترونية على الطائرات التي تم توجيهها من الأرض، فالتكنولوجيا التي تدير حركة عربات تمشي على سطح المريخ والقمر قادرة على نقل إدارة حركة الطائرة من قمرة القيادة الى مكان آخر، وبدقة لا يملكها من تدرب لستة أشهر على الطيران البسيط في فلوريدا .
لننتقل الى حكاية اطلاق الصواريخ من غزة، والتي لا يصيب 99% منها هدفا حقيقيا رغم أنها لا تبعد أكثر من بضعة كيلومترات وفي مناطق مكتظة بالسكان، فالدقة تتمثل في تحاشي اصابة المستوطنات وإذا حدث استثناء فهو بالخطأ، هذه الصواريخ كانت ضرورية لتبرير جرائم إسرائيل أمام الرأي العام الأميركي والدولي، وبالمثل، فقد كان11 سبتمبر ضروريا لتبرير اقصاء العرب عن الوصول الى مركز القرار في واشنطن.
كم ستستمر هذه الحال؟ لقد رأينا ما حدث للبنوك بين عامي 2008 و2009 من تغييرات كبيرة تفوق الخيال، ولا يمكن الاعتماد على استحالة دوران مسار الحدث، وهو ما سنتحدث عنه غدا، إن شاء الله.
كلمة أخيرة:
سئل عمر ( رضي الله عنه ) عن قوله تعالى (و الذاريات ذروا) فقال: هي الرياح، ولولا أني سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقوله ما قلته، قيل (والحاملات وقرا) قال: السحاب، ولولا أني سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقوله ما قلته، قيل (فالجاريات يسرا) قال: السفن.
قيل(فالمقسمات أمرا) قال: الملائكة، وفي كل مرة يرد الأمر الى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، لم يكن يفسر القرآن برأيه.