فيصل الزامل
بغير أي مبالغة، يمكن القول إن مجلس الأمة الحالي هو المعوق الأكبر للتنمية، في ضوء حماسه لإنفاق المليارات - التي كانت موجهة نحو مشاريع استراتيجية – بأسلوب هدايا بابا نويل الذي سيزيد الضغوط التضخمية على ميزانية الأسرة، انهم يتصرفون وكأنه لا توجد قيمة للأرقام التي يتداولونها (شراء القروض بـ 4 مليارات دينار، بدلا من 6 مليارات دينار).. ودغدغة أخرى من نوع (كل رب أسرة سيحصل على 10.000 دينار له، و10.000 أخرى لزوجته، وألف أخرى لكل ابن من أبنائه ممن هم دون سن 21 سنة، وأما من تجاوزوا هذه السن ممن لديهم وظائف فسيمنحون 10.000دينار لكل منهم، يسددها بمعرفته)!
في الأسبوع الماضي أعلنت شركة «الداو» نتائجها المالية التي أظهرت أرباحا صافية بعد الضرائب بواقع ألف وخمسمائة مليون دولار، كان نصيب الكويت منها هو 750 مليون دولار في حال دخولها في الشراكة، هذه الخسارة أفلت المتسبب فيها من المحاسبة بعد دخوله في لجنة التحقيق ونجاحه في تغيير مجرياته، وها نحن نتابع المسلسل الحزين لتوزيع هبات سخية بغير أي شعور بالمسؤولية تجاه الخراب الاقتصادي الذي حاق بهذا الوطن.
إن غالبية النواب عاجزون عن الوقوف في وجه تيار فرضته عليهم قلة تستهدف «حلا طويل الأمد» لمجلس الأمة، وهي تدفع بهذا الاتجاه منذ بضع سنين وبكل أسف صار بقية النواب وقودا لهذا المخطط المدمر الذي وضعه صاحب شعار «إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر»، في هذا السيناريو المخيف يتم إيقاف المشاريع الاستراتيجية الواحد تلو الآخر وتعطيل خطة إنقاذ اقتصادية بحتة واستبدالها بإنفاق عبثي، وفي كل مرة يتم تجاوز الأطر الدستورية من خلال تخويف متخذ القرار من أجل منع وصول تلك المواضيع الى بقية النواب تحت قبة البرلمان، الذي لا يملكون فيه أغلبية كافية، وفي كل مرة تنجح الخطة ويحدث التراجع بطريقة محزنة.
ما لم تفهمه الجهات السياسية الرسمية هو أنه لا يوجد قعر لتلك الممارسة، فلا الإنفاق العبثي سينتهي ولا عرقلة المشاريع الاستراتيجية ستتوقف بسبب مسلسل التراجعات، فالهدف الثابت هو الوصول الى حل البرلمان تحت ضغط تلك المجموعة وإذا ووجهت باللوم من الناس - كما حدث في الثمانينيات - ستقول «نعم، أنا كنت السبب، ولكن ليعيدوه من جديد».. نعم، هذا الكلام قيل وسيقال، ولن نتمكن من صرفه في أي مصرف، والجديد هو أنه تحول الى فريق ثلاثي ركزوا جهودهم على مؤسسات الدولة - وليس الحكومة كسلطة سياسية - وكلما دمروا واحدة انتقلوا الى الأخرى، وتتعجب من طريقة انتقائهم للأهداف فهم يجيدون اقتناص العنصر النظيف من بين مائة شخص فاسد، ويركزون عليه!
لقد أعلن صاحب السمو الأمير استياءه من هذه الممارسة، وذلك بشكل صريح عبر رئيس مجلس الأمة بالإنابة فاستخفوا بتلك الرسالة، كما فعلوا في الثمانينيات «ما عليكم منهم، بس يخوفونكم»، وقد وجه أحد الرموز الوطنية في تلك الفترة لوما شديدا وتقريعا الى من تسبب في تلك الكارثة قائلا له «الشطارة ليست في الوصول الى الكرسي، ولكنها في المحافظة على البرلمان»
كلمة أخيرة:
قال عمر ( رضي الله عنه ): «اني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة ولي اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف، فإذا أيسرت قضيت».